إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ سَنُدۡخِلُهُمۡ جَنَّـٰتٖ تَجۡرِي مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَٰرُ خَٰلِدِينَ فِيهَآ أَبَدٗاۖ لَّهُمۡ فِيهَآ أَزۡوَٰجٞ مُّطَهَّرَةٞۖ وَنُدۡخِلُهُمۡ ظِلّٗا ظَلِيلًا} (57)

{ والذين آمَنُوا وَعَمِلُوا الصالحات } عُقِّب بيانُ سوءِ حالِ الكفرةِ ببيان حُسنِ حالِ المؤمنين تكميلاً لِمَساءة الأولين ومسرَّةِ الآخَرين ، أي الذين آمنوا بآياتنا وعمِلوا بمقتضياتها ، وهو مبتدأٌ خبرُه قولُه تعالى : { سَنُدْخِلُهُمْ جنات تَجْرِى مِن تَحْتِهَا الانهار } وقرئ سيُدخِلُهم بالياء رداً على الاسم الجليلِ ، وفي السين تأكيدٌ للوعد { خالدين فِيهَا أَبَداً } حالٌ مقدّرةٌ من الضمير المنصوبِ في سندخلهم وقوله عز وعلا : { لَهُمْ فِيهَا أزواج مُطَهَّرَةٌ } أي مما في نساء الدنيا من الأحوال المستقذَرةِ البدنية والأدناسِ الطبيعية ، في محل النصبِ على أنه حالٌ من جناتٍ أو حالٌ ثانيةٌ من الضمير المنصوبِ أو على أنه صفةٌ لجناتٍ بعد صفةٍ ، أو في محل الرفعِ على أنه خبرٌ للموصول بعد خبرٍ { وَنُدْخِلُهُمْ ظِلاًّ ظَلِيلاً } أي فيْناناً لا جَوْبَ فيه دائماً لا تنسَخُه شمسٌ اللهم ارزُقنا ذلك بفضلك وكرمِك يا أرحمَ الراحمين ، والظليلُ صفةٌ مشتقةٌ من لفظ الظلِّ للتأكيد كما في ليلٌ ألْيلُ ويومٌ أيومٌ وقرئ يُدخلهم بالياء وهو عطفٌ على سيُدخِلهم لا على أنه غيرُ الإدخالِ الأولِ بالذات بل بالعنوان كما في قوله تعالى : { وَلَمَّا جَاء أَمْرُنَا نَجَّيْنَا هُودًا والذين آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ منَّا وَنَجَّيْنَاهُمْ منْ عَذَابٍ غَلِيظٍ } [ هود ، الآية 58 ] .