المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{وَلَقَدۡ خَلَقۡنَا ٱلۡإِنسَٰنَ مِن صَلۡصَٰلٖ مِّنۡ حَمَإٖ مَّسۡنُونٖ} (26)

26- وإننا في خلقنا للعاملين في هذه الأرض خلقنا طبيعتين : خلقنا الإنسان من طين يابس يصوت إذا نقر عليه{[107]} .


[107]:الصلصال والحمأ صور من الطين تتفق معه في التركيب، لأنها تتكون كميائيا من عناصر التربة مضافا إليها الماء وهي المادة التي يتكون منها الإنسان، كما ذكر في الآيات المختلفة من القرآن الكريم.
 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَلَقَدۡ خَلَقۡنَا ٱلۡإِنسَٰنَ مِن صَلۡصَٰلٖ مِّنۡ حَمَإٖ مَّسۡنُونٖ} (26)

يذكر تعالى نعمته وإحسانه على أبينا آدم عليه السلام ، وما جرى من عدوه إبليس ، وفي ضمن ذلك التحذير لنا من شره وفتنته فقال تعالى : { وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ } أي آدم عليه السلام { مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ } أي : من طين قد يبس بعد ما خمر حتى صار له صلصلة وصوت ، كصوت الفخار ، والحمأ المسنون : الطين المتغير لونه وريحه من طول مكثه .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَلَقَدۡ خَلَقۡنَا ٱلۡإِنسَٰنَ مِن صَلۡصَٰلٖ مِّنۡ حَمَإٖ مَّسۡنُونٖ} (26)

والمراد بالإِنسان في قوله - سبحانه - { وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإنسان مِن صَلْصَالٍ } آدم - عليه السلام - لأنه أصل النوع الإِنسانى ، وأول فرد من أفراده .

والصلصال : الطين اليابس الذي يصلصل ، أى : يحدث صوتاً إذا حرك أو نقر عليه ، كما يحدث الفخار قال - تعالى - { خَلَقَ الإنسان مِن صَلْصَالٍ كالفخار } وقيل : الصلصال : الطين المنتن ، مأخوذ من قولهم : صَلَّ اللحم وأصلَّ ، إذا أنتن . .

قال الإِمام ابن جرير : " والذى هو أولى بتأويل الآية ، أن يكون الصلصال في هذا الموضع ، الطين اليابس الذي لم تصبه النار ، فإذا نقرته صل فسمعت له صلصلة - وذلك أن الله - تعالى - وصفه في موضع آخر فقال : { خَلَقَ الإنسان مِن صَلْصَالٍ كالفخار } فشبهه - تعالى ذكره - بأنه كالفخار في يُبسِه ، ولو كان معناه في ذلك المنتن لم يشبهه بالفخار ، لأن الفخار ليس بمنتن فيشبه به في النتن غيره " .

والحمأ : الطين إذا اشتد سواه وتغيرت رائحته .

والمسنون : المصور من سن الشئ إذا صوره .

قال الآلوسى ما ملخصه : { من حمأ } أى : من طين تغير واسود من مجاورة الماء ، ويقال للواحدة حمأة - بسكون الميم - . . .

وقوله { مسنون } أى : مصوَّر من سُنَّة الوجه وهى صورته . وأنشد لذلك ابن عباس قول عمه حمزة يمدح النبى صلى الله عليه وسلم :

أغرُّ كأن البدرَ سنَّةُ وجهه . . . جلا الغيم عنه ضوؤه فتبددا

وقيل مسنون : " أى مصبوب ، من سنَّ الماء بمعنى صبه . ويقال شَنَّ - بالشين أيضاً - : أى : مفرغ على هيئة الإِنسان . . . وقيل : المسنون : المنتن . . . " .

والذى يتدبر القرآن الكريم يرى أن الله - تعالى - قد وضح في آيات متعددة أطوار خلق آدم - عليه السلام - ، فقد بين في بعض الآيات أنه خلقه من تراب ، كما في قوله - تعالى - { إِنَّ مَثَلَ عيسى عِندَ الله كَمَثَلِ ءَادَمَ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُن فَيَكُونُ . . . } وبين في آيات أخرى أنه - سبحانه - خلقه من طين ، كما في قوله - تعالى - { الذي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الإنسان مِن طِينٍ } وبين هنا أنه - سبحانه - خلقه { مِن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ } .

قال الجمل : " وهذا الطور آخر أطوار آدم الطينية ، وأول ابتدائه أنه كان ترابا متفرق الأجزاء ، ثم بُلَّ - أى التراب - فصار طينا ، ثم ترك حتى أنتن وأسود فصار حمأ مسنونا .

أى : متغيرا ، ثم يبس فصار صلصالاً ، وعلى هذه الأحوال والأطوار تتخرج الآيات الواردة في أطواره الطينية ، كآية خلقه من تراب ، وآية { بَشَراً مِّن طِينٍ } وهذه الآية التي نحن فيها " .

والمقصود من هذه الآيات الكريمة ، التنبيه على عجيب صنع الله - تعالى - وعظيم قدرته ، حيث أخرج - سبحانه - الجملة الكريمة بلام القسم وقد ، لزيادة التحقيق ، وللإِرشاد إلى أهمية هذا الخلق ، وأنه بهذه الصفة .

و { من } في قوله { من صلصال } لابتداء الغاية أو للتبعيض ، وفى قوله { من حمأ } ابتدائية .

والجار والمجرور صفة لصلصال أى : من صلصال كائن من حمأ ، ومسنون صفة لحمأ .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَلَقَدۡ خَلَقۡنَا ٱلۡإِنسَٰنَ مِن صَلۡصَٰلٖ مِّنۡ حَمَإٖ مَّسۡنُونٖ} (26)

26

فلنمض إلى مشاهد القصة في هذا المجال :

( ولقد خلقنا الإنسان من صلصال من حمأ مسنون . والجان خلقناه من قبل من نار السموم )

وفي هذا الافتتاح يقرر اختلاف الطبيعتين بين الصلصال - وهو الطين اليابس الذي يصلصل عند نقره ، المتخذ من الطين الرطب الآسن - والنار الموسومة بأنها شعواء سامة . . نار السموم . . وفيما بعد سنعلم أن طبيعة الإنسان قد دخل فيها عنصر جديد هو النفخة من روح الله ، أما طبيعة الشيطان فبقيت من نار السموم .

( وإذ قال ربك للملائكة : إني خالق بشرا من صلصال من حمأ مسنون ، فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين ، فسجد الملائكة كلهم أجمعون ، إلا إبليس أبى أن يكون مع الساجدين . قال : يا إبليس مالك ألا تكون مع الساجدين ? قال : لم أكن لأسجد لبشر خلقته من صلصال من حمأ مسنون . قال : فأخرج منها فإنك رجيم ، وإن عليك اللعنة إلى يوم الدين )

/خ48

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَلَقَدۡ خَلَقۡنَا ٱلۡإِنسَٰنَ مِن صَلۡصَٰلٖ مِّنۡ حَمَإٖ مَّسۡنُونٖ} (26)

{ ولقد خلقنا الإنسان من صلصال } من طين يابس يصلصل أي يصوت إذا نقر . وقيل هو من صلصل إذا أنتن تضعيف صل . { من حمأٍ } طين تغير واسود من طول مجاورة الماء ، وهو صفة صلصال أي كائن { من حمأ } . { مسنون } مصور من سنه الوجه ، أو منصوب لييبس ويتصور كالجواهر المذابة تصب في القوالب ، من السن وهو الصب كأنه أفرغ الحمأ فصور منها تمثال إنسان أجوف ، فيبس حتى إذا نقر صلصل ، ثم غير ذلك طورا بعد طور حتى سواه ونفخ فيه من روحه ، أو منتن من سننت الحجر على الحجر إذا حككته به ، فإن ما يسيل بينهما يكون منتنا ويسمى السنين .