33- وقال المستضعفون للمستكبرين : بل تدبيركم ووسوستكم لنا في الليل والنهار أوقعنا في التهلكة حين كنتم تطلبون منا أن نكفر بالله ، ونجعل له شركاء ، وأسر الفريقان الحسرة لما رأوا العذاب واقعاً بهم ، فعلموا أن لا فائدة من إظهار هذه الحسرة ، وجعلنا الأغلال في أعناق الذين لم يؤمنوا . هل يستحق هؤلاء إلا جزاء ما كانوا يعملون ؟ !
{ وَقَالَ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ إِذْ تَأْمُرُونَنَا أَنْ نَكْفُرَ بِاللَّهِ وَنَجْعَلَ لَهُ أَنْدَادًا } أي : بل الذي دهانا منكم ، ووصل إلينا من إضلالكم ، ما دبرتموه من المكر ، في الليل والنهار ، إذ تُحَسِّنون لنا الكفر ، وتدعوننا إليه ، وتقولون : إنه الحق ، وتقدحون في الحق وتهجنونه ، وتزعمون أنه الباطل ، فما زال مكركم بنا ، وكيدكم إيانا ، حتى أغويتمونا وفتنتمونا .
فلم تفد تلك المراجعة بينهم شيئا إلا تبري بعضهم من بعض ، والندامة العظيمة ، ولهذا قال : { وَأَسَرُّوا النَّدَامَةَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ } أي : زال عنهم ذلك الاحتجاج الذي احتج به بعضهم على بعض لينجو من العذاب ، وعلم أنه ظالم مستحق له ، فندم كل منهم غاية الندم ، وتمنى أن لو كان على الحق ، [ وأنه ] ترك الباطل الذي أوصله إلى هذا العذاب ، سرا في أنفسهم ، لخوفهم من الفضيحة في إقرارهم على أنفسهم . وفي بعض مواقف القيامة ، وعند دخولهم النار ، يظهرون ذلك الندم جهرا .
{ وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا * يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا } الآيات .
{ وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ * فَاعْتَرَفُوا بِذَنْبِهِمْ فَسُحْقًا لِأَصْحَابِ السَّعِيرِ }
{ وجعلنا الأغلال في أعناق الذين كفروا } يغلون كما يغل المسجون الذي سيهان في سجنه كما قال تعالى { إِذِ الْأَغْلَالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ وَالسَّلَاسِلُ يُسْحَبُونَ فِي الْحَمِيمِ ثُمَّ فِي النَّارِ يُسْجَرُونَ } الآيات .
{ هَلْ يُجْزَوْنَ } في هذا العذاب والنكال ، وتلك الأغلال الثقال { إِلَّا مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ } من الكفر والفسوق والعصيان .
ولم يقتنع الأتباع بما رد به عليهم السادة والكبراء ، بل حكى القرآن للمرة الثانية ردهم عليهم فقال : { وَقَالَ الذين استضعفوا لِلَّذِينَ استكبروا } فى الرد عليهم بسحرة وألم : { بَلْ مَكْرُ الليل والنهار } أى قالوا لهم أنتم لستم صاقين فى قولكم لنا : إنكم لم تصدرونا عن اتباع الهدى بعد إذ جاءنا بل إن مكركم بنا الليل والنهار وإغراءكم لنا بالبقاء على الكفر وتهديدكم إيانا بالقتل أو التعذيب إذا ما خالفناكم ، وأمرنا لنا بأن نكفر بالله - تعالى - ونجعل له أندادا ، أى شركاء فى العبادة والطاعة . كل ذلك هو الذى حال بيننا وبين اتباع الحق الذى جاءنا به الرسول صلى الله عليه وسلم .
والمكر : هو الاحتيال والخديعة . يقال مكر فلان بفلان ، إذا خدعه وأراد به شرا . وهو هنا فاعل محذوف والتقدير : بل الذى صدنا عن الإِيمان مكركم بنا فى الليل والنهار ، فحذف المضاف إليه واقيم مقامه الظرف اتساعا .
وقوله : { إِذْ تَأْمُرُونَنَآ . . } ظرف للمكر . أى : بل مركم الدائم بنا وقت أمركم لنا بأن نكفر بالله ونجعل له أشباها ونظراء نعبدها من دونه - تعالى - هو الذى حال بيننا وبين اتباع الحق والهدى .
قال الجمل : وقوله { بَلْ مَكْرُ الليل والنهار } يجوز رفع { مَكْرُ } من ثلاثة أوجه : أحدها : على الفاعلية بتقدير : بل صدنا مكركم فى هذين الوقتين ، الثانى أن يكون مبتدأ خبره محذوف . أى : مكر الليل صدنا عن اتباع الحق . الثالث : العكس ، أى : سبب كفرنا مكركم . وإضافة المكر إلى الليل والنهار إما على الإِسناد المجازى كقولهم : ليل ماكر ، فيكون مصدرا مضافا لمرفوعه وإما على الاتساع فى الظرف ، فجعل كالمفعول به فيكون مضافا لمنصوبه .
والضمير المرفوع فى قوله - سبحانه - : { وَأَسَرُّواْ الندامة لَمَّا رَأَوُاْ العذاب } يعود إلى الأتباع والزعماء . وأسروا من الإِسرار بمعنى الكتمان والإِخفاء .
أى : وأضمر الذين استضعفوا والمستبرون الندامة والحسرة حين شاهدوا العذاب المعد لهم جميعا ، وذلك لأنهم بهتوا وشدهوا حين عاينوه ، ودفنت الكلمات فى صدورهم فلم يتمكنوا من النطق بها وأصابهم ما أصابهم من الكمد الذى يجعل الشفاه لا تتحرك ، والألسنة لا تنطق .
فالمقصود من إسرار الندامة : بيان عجزهم الشديد عن النطق بما يريدون النطق به لفظاعة ما شهدوه من عذاب غليظ قد أعد لهم .
وقيل إن { وَأَسَرُّواْ الندامة } بمعنى أظروها : لأن لفظ أسر من الأضداد .
قال الآلوسى ما ملخصه : { وَأَسَرُّواْ } أى : أضمر الظالمون من الفريقين { الندامة } على ما كان منهم فى الدنيا . . { لَمَّا رَأَوُاْ العذاب } لأنهم بهتوا لما عاينوه فلم يقدروا على النطق .
وقيل : أسروا الندامة . بمعنى أظهروهان فإن لفظ " أسر " من الأضداد ، إذ الهمزة تصلح للإِثبات وللسلب ، فمعنى أسره : جعله سره ، أو أزال سره . .
ثم بين - سبحانه - ما حل بهم من عذاب بسبب كفرهم فقال : { وَجَعَلْنَا الأغلال في أَعْنَاقِ الذين كَفَرُواْ هَلْ يُجْزَوْنَ إِلاَّ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } .
والأغلال . جمع غل وهى القيود التى يقيد بها المجرمون .
أى : وجعلنا القيود فى أعناق الذين كفروا جميعا ، سواء منهم من كان تابعا أم متبوعا . وما جزيناهم بهذا الجزاء المهين الأليم ، إلا بسبب أعمالهم السيئة . وأقوالهم القبيحة .
وهكذا نرى الآيات الكريمة تصور لنا تصويرا مؤثرا بديعا ، ما يكون عليه الكافرون يوم القيامة من حسرة وندم ، ومن عداوة وبغضاء ، ومن تهم يلقيها كل فريق على الآخر ، بدون احترام من المستضعفين لزعمائهم الذين كانوا يذلونهم فى الدنيا ، بعد أن سقطت وزالت الهيبة الزائفة التى كان الزعماء يحيطون بها أنفسهم فى الحياة الدنيا ، وأصبح الجميع يوم السحاب فى الذلة سواء { وَوَجَدُواْ مَا عَمِلُواْ حَاضِراً وَلاَ يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً } .
ولو كانوا في الدنيا لقبع المستضعفون لا ينبسون ببنت شفة . ولكنهم في الآخرة حيث تسقط الهالات الكاذبة والقيم الزائفة ؛ وتتفتح العيون المغلقة وتظهر الحقائق المستورة . ومن ثم لا يسكت المستضعفون ولا يخنعون ، بل يجبهون المستكبرين بمكرهم الذي لم يكن يفتر نهاراً ولا ليلاً للصد عن الهدى ؛ وللتمكين للباطل ، ولتلبيس الحق ، وللأمر بالمنكر ، ولاستخدام النفوذ والسلطان في التضليل والإغواء :
( وقال الذين استضعفوا للذين استكبروا : بل مكر الليل والنهار ، إذ تأمروننا أن نكفر بالله ونجعل له أنداداً ) . .
ثم يدرك هؤلاء وهؤلاء أن هذا الحوار البائس لا ينفع هؤلاء ولا هؤلاء ، ولا ينجي المستكبرين ولا المستضعفين . فلكل جريمته وإثمه . المستكبرون عليهم وزرهم ، وعليهم تبعة إضلال الآخرين وإغوائهم . والمستضعفون عليهم وزرهم ، فهم مسؤولون عن اتباعهم للطغاة ، لا يعفيهم أنهم كانوا مستضعفين . لقد كرمهم الله بالإدراك والحرية ، فعطلوا الإدراك وباعوا الحرية ورضوا لأنفسهم أن يكونوا ذيولاً وقبلوا لأنفسهم أن يكونوا مستذلين . فاستحقوا العذاب جميعاً ؛ وأصابهم الكمد والحسرة وهم يرون العذاب حاضراً لهم مهيأ :
( وأسروا الندامة لما رأوا العذاب ) . .
وهي حالة الكمد الذي يدفن الكلمات في الصدور ، فلا تفوه بها الألسنة ، ولا تتحرك بها الشفاه .
ثم أخذهم العذاب المهين الغليظ الشديد :
( وجعلنا الأغلال في أعناق الذين كفروا ) . .
ثم يلتفت السياق يحدث عنهم وهم مسحوبون في الأغلال ، مهملاً خطابهم إلى خطاب المتفرجين !
( هل يجزون إلا ما كانوا يعملون ? ) . .
ويسدل الستار على المستكبرين والمستضعفين من الظالمين . وكلاهما ظالم . هذا ظالم بتجبره وطغيانه وبغيه وتضليله . وهذا ظالم بتنازله عن كرامة الإنسان ، وإدراك الإنسان ، وحرية الإنسان ، وخنوعه وخضوعه للبغي والطغيان . . وكلهم في العذاب سواء . لا يجزون إلا ما كانوا يعملون . .
يسدل الستار وقد شهد الظالمون أنفسهم في ذلك المشهد الحي الشاخص . شهدوا أنفسهم هناك وهم بعد أحياء في الأرض . وشهدهم غيرهم كأنما يرونهم . وفي الوقت متسع لتلافي ذلك الموقف لمن يشاء !
{ وَقَالَ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهَار } أي : بل كنتم تمكرون بنا ليلا ونهارا ، وتَغُرّونا وتُمَنّونا ، وتخبرونا أنا على هدى وأنا على شيء ، فإذا جميع ذلك باطل وكَذبٌ ومَيْن .
قال قتادة ، وابن زيد{[24351]} : { بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ } يقول : بل مكرهم بالليل والنهار . وكذا قال مالك ، عن زيد بن أسلم : مكرهم بالليل والنهار .
{ إِذْ تَأْمُرُونَنَا أَنْ نَكْفُرَ بِاللَّهِ وَنَجْعَلَ لَهُ أَنْدَادًا } أي نظراء وآلهة معه ، وتقيموا لنا شُبَهًا وأشياءَ من المحال تضلونا بها { وَأَسَرُّوا النَّدَامَةَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ } أي : الجميع من السادة والأتباع ، كُلٌّ نَدم على ما سَلَف منه .
{ وَجَعَلْنَا الأغْلالَ فِي أَعْنَاقِ الَّذِينَ كَفَرُوا } : وهي السلاسل التي تجمع أيديهم مع أعناقهم ، { هَلْ يُجْزَوْنَ إِلا مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ }{[24352]} أي : إنما نجازيكم بأعمالكم{[24353]} ، كُلٌّ بحسبه ، للقادة عذاب بحسبهم ، وللأتباع بحسبهم { قَالَ لِكُلٍّ ضِعْفٌ وَلَكِنْ لا تَعْلَمُونَ } [ الأعراف : 38 ] .
قال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا فَرْوَة بن أبي المغراء ، حدثنا محمد بن سليمان{[24354]} بن الأصبهاني ، عن أبي سنان ضرار بن صُرَد ، عن عبد الله بن أبي الهُذَيل{[24355]} ، عن أبي هريرة ، رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «إن جهنم لما سيق إليها أهلها تَلَقَّاهم لهبها ، ثم لَفَحَتْهُم لفحةً فلم يبق لحم{[24356]} إلا سقط على العرقوب » . {[24357]}
وحدثنا{[24358]} أبي ، حدثنا أحمد بن أبي الحواري ، حدثنا الطيب أبو الحسن ، عن الحسن بن يحيى الخُشَني قال : ما في جهنم دار ولا مغار ولا غل ولا سلسلة ولا قيد ، إلا اسم صاحبها عليه مكتوب . قال : فحدثته أبا سليمان - يعني : الداراني ، رحمة الله عليه{[24359]} - فبكى ثم قال : ويحك . فكيف به لو جمع هذا كله عليه ، فجعل القيد في رجليه ، والغُلّ في يديه والسلسلة في عنقه ، ثم أدخل النار وأدخل المغار ؟ ! .
القول في تأويل قوله تعالى : { وَقَالَ الّذِينَ اسْتُضْعِفُواْ لِلّذِينَ اسْتَكْبَرُواْ بَلْ مَكْرُ الْلّيْلِ وَالنّهَارِ إِذْ تَأْمُرُونَنَآ أَن نّكْفُرَ بِاللّهِ وَنَجْعَلَ لَهُ أَندَاداً وَأَسَرّواْ النّدَامَةَ لَمّا رَأَوُاْ اْلَعَذَابَ وَجَعَلْنَا الأغْلاَلَ فِيَ أَعْنَاقِ الّذِينَ كَفَرُواْ هَلْ يُجْزَوْنَ إِلاّ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } .
يقول تعالى ذكره : وَقالَ الّذِينَ اسْتُضْعِفُوا من الكفرة بالله في الدنيا ، فكانوا أتباعا لرؤسائهم في الضلالة لِلّذِينَ اسْتَكْبَرُوا فيها ، فكانوا لهم رؤساء بَلْ مَكْرُكم لنا باللّيْلِ والنّهارِ صدّنا عن الهدى إذْ تَأْمُرُونَنا أنْ نَكْفُرَ باللّهِ وَنجْعَلَ لَهُ أمثالاً وأشباها في العبادة والألوهة فأضيف المكر إلى الليل والنهار . والمعنى ما ذكرنا من مكر المستكبرين بالمستضعفين في الليل والنهار ، على اتساع العرب في الذي قد عُرِف معناها فيه من منطِقها ، من نقل صفة الشيء إلى غيره ، فتقول للرجل : يا فلان نهارك صائم وليلك قائم ، وكما قال الشاعر :
*** ونِمْتِ وَما لَيْلُ المَطِيّ بِنائمِ ***
وما أشبه ذلك مما قد مضى بياننا له في غير هذا الموضع من كتابنا هذا . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :
حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : بَلْ مَكْرُ اللّيْلِ والنّهارِ إذ تَأْمُرُونَنا أنْ نَكْفُرَ بالله وَنجْعَلَ لَهُ أنْدَادا يقول : بل مكرُكُم بنا في الليل والنهار أيها العظماء الرؤساء حتى أزلتمونا عن عبادة الله .
وقد ذُكر في تأويله عن سعيد بن جبير ما :
حدثنا أبو كُريب ، قال : حدثنا ابن يمان ، عن أشعث ، عن جعفر ، عن سعيد بن جُبَير بَلْ مَكْرُ اللّيْلِ والنّهارِ قال : مَرّ الليل والنهار .
وقوله : إذْ تَأْمُرُونَنا أنْ نَكْفُرَ باللّهِ يقول : حين تأمروننا أن نكفر بالله .
وقوله : ونجعَلَ لَهُ أنْدَادا يقول : شركاء ، كما :
حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : ونَجْعَلَ لَهُ أنْدَادا شركاء .
قوله : وأَسَرّوا النّدامَةَ لَمّا رأَوُا العَذَابَ يقول : وندموا على ما فرّطوا من طاعة الله في الدنيا حين عاينوا عذاب الله الذي أعدّه لهم ، كما :
حدثنا بشر ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة وأَسَرّوا النّدَامَةَ بينهم لَمّا رأَوُا العَذَابَ .
قوله : وَجَعَلْنا الأَغْلالَ فِي أعْناقِ الّذِينَ كَفَرُوا وغُلّت أيدي الكافرين بالله في جهنم إلى أعناقهم في جوامع من نار جهنم ، جزاء بما كانوا بالله في الدنيا يكفرون ، يقول جلّ ثناؤه : ما يفعل الله ذلك بهم إلاّ ثوابا لأعمالهم الخبيثة التي كانوا في الدنيا يعملونها ، ومكافأة لهم عليها .
{ وقال الذين استضعفوا للذين استكبروا بل مكر الليل والنهار } إضراب عن إضرابهم أي لم يكن إجرامنا الصاد بل مكركم لنا دائبا ليلا ونهارا حتى أعورتم علينا رأينا . { إذ تأمروننا أن نكفر بالله ونجعل له أندادا } والعاطف يعطفه على كلامهم الأول وإضافة ال{ مكر } إلى الظرف على الاتساع ، وقرئ { مكر الليل } بالنصب على المصدر و{ مكر الليل } بالتنوين ونصب الظرف و{ مكر الليل } من الكرور . { وأسروا الندامة لما رأوا العذاب } وأضمر الفريقان الندامة على الضلال والإضلال وأخفاها كل عن صاحبه مخافة التعيير ، أو أظهروها فإنه من الأضداد إذ الهمزة للإثبات والسلب كما في أكشيته . { وجعلنا الأغلال في أعناق الذين كفروا } أي في أعناقهم فجاء بالظاهر تنويها بذمهم وإشعارا بموجب أغلالهم . { هل يجزون إلا ما كانوا يعملون } أي لا يفعل بهم ما يفعل إلا جزاء على أعمالهم ، وتعدية يجزي إما لتضمين معنى يقضي أو بنزع الخافض .
تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :
فردت الضعفاء على الكبراء، فقالوا: {وقال الذين استضعفوا للذين استكبروا بل مكر الليل والنهار} بل قولهم كذب بالليل والنهار.
{إذ تأمروننا أن نكفر بالله} بتوحيد الله عز وجل {ونجعل له أندادا} وتأمرونا أن نجعل له شريكا.
{وأسروا الندامة} في أنفسهم {لما رأوا العذاب} حين عاينوا العذاب في الآخرة.
{وجعلنا الأغلال في أعناق الذين كفروا} وذلك أن الله عز وجل يأمر خزانة جهنم أن يجعلوا الأغلال في أعناق الذين كفروا بتوحيد الله عز وجل، وقالت لهم الخزنة: {هل يجزون} في الآخرة {إلا ما كانوا يعملون} من الكفر في الدنيا.
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :
يقول تعالى ذكره:"وَقالَ الّذِينَ اسْتُضْعِفُوا" من الكفرة بالله في الدنيا، فكانوا أتباعا لرؤسائهم في الضلالة "لِلّذِينَ اسْتَكْبَرُوا "فيها، فكانوا لهم رؤساء بَلْ مَكْرُكم لنا باللّيْلِ والنّهارِ صدّنا عن الهدى "إذْ تَأْمُرُونَنا أنْ نَكْفُرَ باللّهِ وَنجْعَلَ لَهُ" أمثالاً وأشباها في العبادة والألوهة، فأضيف المكر إلى الليل والنهار، والمعنى ما ذكرنا من مكر المستكبرين بالمستضعفين في الليل والنهار، على اتساع العرب في الذي قد عُرِف معناها فيه من منطِقها، من نقل صفة الشيء إلى غيره، فتقول للرجل: يا فلان نهارك صائم وليلك قائم...
وقوله: "إذْ تَأْمُرُونَنا أنْ نَكْفُرَ باللّهِ" يقول: حين تأمروننا أن نكفر بالله.
وقوله: "ونجعَلَ لَهُ أنْدَادا" يقول: شركاء...
قوله: "وأَسَرّوا النّدامَةَ لَمّا رأَوُا العَذَابَ" يقول: وندموا على ما فرّطوا من طاعة الله في الدنيا حين عاينوا عذاب الله الذي أعدّه لهم...
قوله: "وَجَعَلْنا الأَغْلالَ فِي أعْناقِ الّذِينَ كَفَرُوا" وغُلّت أيدي الكافرين بالله في جهنم إلى أعناقهم في جوامع من نار جهنم، جزاء بما كانوا بالله في الدنيا يكفرون، يقول جلّ ثناؤه: ما يفعل الله ذلك بهم إلاّ ثوابا لأعمالهم الخبيثة التي كانوا في الدنيا يعملونها، ومكافأة لهم عليها.
تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :
{بل مكرُ الليل والنهار}: بل بمكركم إيانا وقولكم في الليل والنهار: إنهم كَذَبة، سحَرة، وخداعكم إيانا أنهم بشر مثلكم تركنا اتباعهم، إذ تأمروننا أن نكفر بالله {ونجعل له أندادا، ويحتمل أن قالوا: بل مكرُكم في الليل والنهار، إذ تأمروننا أن نكفر بالله، أي من تخويفكم إيانا وهيبتكم لنا من الأخذ على البغتة والغفلة تركنا اتباعهم في السّر، إذا ظهر، وبلغكم الخبر به.
هذه مناظرات أهل الكفر في ما بينهم يومئذ، وردّ بعضهم على بعض، ولعن بعضهم بعضا، يذكرها في الدنيا ليُلزمهم الحجة ولئلا يقولوا يومئذ {إنا كنا عن هذا غافلين} [الأعراف: 172]، فإن قيل: إنهم كانوا لا يؤمنون بهذا القرآن ولا بالبعث فكيف يُلزِمهم ذلك، وهم لا يستمعون له؟ قيل: إنهم مُكّنوا من الاستماع والنظر فيه فلزِمتهم الحجة وإن لم يستمِعوا له.
{وأسرّوا الندامة لما رأوا العذاب} قال بعضهم: أسرّ الرؤساء الندامة بصرف الأتباع وصرف أنفسهم عن دين الله واتّباع الرسل {لما رأوا العذاب}.
وقيل: {وأسرّوا الندامة} الأتباع والرؤساء جميعا.
{وأسرّوا الندامة} من الإسرار والإخفاء، أخفى بعضهم من بعض.
وقال بعضهم: أخفى الكفرة الندامة عن المؤمنين.
وقال القتبيّ: {وأسرّوا الندامة} أي أظهروا، وهو من الأضداد، ويقال: أسررت الشيء أخفيته، وأظهرته.
وأما غيره من أهل التأويل فإنهم قالوا: هو من الإخفاء.
{وجعلنا الأغلال في أعناق الذين كفروا} الأغلال جماعة الغُلّ، وهو ما يُجعل في اليد، ثم تُشدّ اليد إلى العنق.
تفسير القرآن للسمعاني 489 هـ :
وطول الأمل هو مكر الليل والنهار على طريق المجاز...
الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :
{بَلْ مَكْرُ اليل والنهار} فأبطلوا بإضرابهم، كأنهم قالوا: ما كان الإجرام من جهتنا، بل من جهة مكركم لنا دائباً ليلاً ونهاراً، وحملكم إيانا على الشرك واتخاذ الأنداد. ومعنى مكر الليل والنهار: مكركم في الليل والنهار، فاتسع في الظرف بإجرائه مجرى المفعول به وإضافة المكر إليه، وقرئ: «بل مكر الليل والنهار» بالتنوين ونصب الظرفين، و «بل مكرّ الليل والنهار» بالرفع والنصب، أي تكرّون الإغواء مكرّاً دائباً لا تفترون عنه، فإن قلت: ما وجه الرفع والنصب؟ قلت: هو مبتدأ أو خبر، على معنى: بل سبب مكركم أو مكرّكم أو مكركم أو مكرّكم سبب ذلك. والنصب على: بل تكرّون الإغواء مكرّ الليل والنهار.
فإن قلت: من صاحب الضمير في {وَأَسَرُّواْ} قلت: الجنس المشتمل على النوعين من المستكبرين والمستضعفين، وهم الظالمون في قوله: {إِذِ الظالمون مَوْقُوفُونَ عِندَ رَبّهِمْ} [سبأ: 31] يندم المستكبرون على ضلالهم وإضلالهم، والمستضعفون على ضلالهم واتباعهم المضلين.
{فِي أَعْنَاقِ الذين كَفَرُواْ} أي في أعناقهم، فجاء بالصريح للتنويه بذمهم، وللدلالة على ما استحقوا به الأغلال.
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية 542 هـ :
{أسروا} معناه اعتقدوها في نفوسهم، ومعتقدات النفس كلها سر لا يعقل غير ذلك، وإنما يظهر ما يصدر عنها من كلام أو قرينة، وقال بعض الناس {أسروا} معناه أظهروا وهي من الأضداد؛ قال الفقيه الإمام القاضي: وهذا كلام من لم يعتبر المعنى، أما نفس الندامة فلا تكون إلا مستسرة ضرورة، وأما الظاهر عنها فغيرها، ولم يثبت قط في لغة أن أسر من الأضداد.
{لما رأوا العذاب} أي وافوه وتيقنوا حصولهم فيه وباقي الآية بين.
لما ذكر المستكبرون أنا ما صددناكم وما صدر منا ما يصلح مانعا وصارفا اعترف المستضعفون به وقالوا: {بل مكر الليل والنهار} منعنا، ثم قالوا لهم إنكم وإن كنتم ما أتيتم بالصارف القطعي والمانع القوي ولكن انضم أمركم إيانا بالكفر إلى طول الأمد والامتداد في المدد فكفرنا فكان قولكم جزء السبب.
ويحتمل وجها آخر وهو أن يكون المراد بل مكركم بالليل والنهار فحذف المضاف إليه.
{إذ تأمروننا أن نكفر بالله} أي ننكره {ونجعل له أندادا} هذا يبين أن المشرك بالله مع أنه في الصورة مثبت لكنه في الحقيقة منكر لوجود الله لأن من يساويه المخلوق المنحوت لا يكون إلها.
وقوله في الأول: {يرجع بعضهم إلى بعض القول} يقول الذين استضعفوا بلفظ المستقبل، وقوله في الآيتين المتأخرتين {وقال الذين استكبروا، وقال الذي استضعفوا} بصيغة الماضي مع أن السؤال والتراجع في القول لم يقع إشارة إلى أن ذلك لا بد وأن يقع، فإن الأمر الواجب الوقوع يوجد كأنه وقع، ألا ترى إلى قوله تعالى: {إنك ميت وإنهم ميتون}.
{وأسروا الندامة لما رأوا العذاب وجعلنا الأغلال في أعناق الذين كفروا هل يجزون إلا ما كانوا يعملون}: معناه أنهم يتراجعون القول في الأول، ثم إذا جاءهم العذاب الشاغل يسرون ذلك التراجع الدال على الندامة...
ويحتمل أن يقال بأنهم لما تراجعوا في القول رجعوا إلى الله بقولهم: {ربنا أبصرنا وسمعنا فارجعنا نعمل صالحا} ثم أجيبوا وأخبروا بأن لا مرد لكم فأسروا ذلك القول.
{وجعلنا الأغلال في أعناق الذين كفروا} إشارة إلى كيفية العذاب وإلى أن مجرد الرؤية ليس كافيا بل لما رأوا العذاب قطعوا بأنهم واقعون فيه فتركوا الندم ووقعوا فيه فجعل الأغلال في أعناقهم.
{يجزون إلا ما كانوا يعملون} إشارة إلى أن ذلك حقهم عدلا...
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي 685 هـ :
{وجعلنا الأغلال في أعناق الذين كفروا} أي في أعناقهم فجاء بالظاهر تنويها بذمهم وإشعارا بموجب أغلالهم.
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :
{وأسروا} أي يرجعون والحال أن الفريقين أسروا {والندامة لما} أي حين {رأوا العذاب} لأنهم بينما هم في تلك المقاولة وهم يظنون أنها تغني عنهم شيئاً وإذا بهم قد بدا لهم ما لم يكونوا يحتسبون فأبهتهم فلم يقدروا لفوات المقاصد وخسران النفوس أن ينسبوا بكلمة، ولأجل أن العذاب عم الشريف منهم والوضيع.
{هل يجزون} أي بهذه الأغلال {إلا ما كانوا} أي كوناً هم عريقون فيه {يعملون} أي على سبيل التجديد والاستمرار مما يدعون أنهم بنوه على العلم، وذلك الجزاء -والله أعلم- هو ما يوجب قهرهم وإذلالهم وإخزاءهم وإنكاءهم وإيلامهم كما كانوا يفعلون مع المؤمنين ويتمنون لهم.
روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني للآلوسي 1270 هـ :
الأنداد جمع ند هو شائع فيمن يدعى أنه شريك مطلقاً، لكن ذكر الشيخ الأكبر في تفسيره "إيجاز البيان في الترجمة عن القرآن": رأيته أنه مخصوص بمن يدعي الألوهية كفرعون وأضرابه لأن بذلك ند عن الله تعالى وشرد عن رحمته سبحانه، وقال الشيخ: لأنه شرد عن العبودية له جل شأنه...
في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :
ولو كانوا في الدنيا لقبع المستضعفون لا ينبسون ببنت شفة. ولكنهم في الآخرة حيث تسقط الهالات الكاذبة والقيم الزائفة؛ وتتفتح العيون المغلقة وتظهر الحقائق المستورة؛ ومن ثم لا يسكت المستضعفون ولا يخنعون، بل يجبهون المستكبرين بمكرهم الذي لم يكن يفتر نهاراً ولا ليلاً للصد عن الهدى؛ وللتمكين للباطل، ولتلبيس الحق، وللأمر بالمنكر، ولاستخدام النفوذ والسلطان في التضليل والإغواء: (وقال الذين استضعفوا للذين استكبروا: بل مكر الليل والنهار، إذ تأمروننا أن نكفر بالله ونجعل له أنداداً).. ثم يدرك هؤلاء وهؤلاء أن هذا الحوار البائس لا ينفع هؤلاء ولا هؤلاء، ولا ينجي المستكبرين ولا المستضعفين، فلكل جريمته وإثمه؛ المستكبرون عليهم وزرهم، وعليهم تبعة إضلال الآخرين وإغوائهم، والمستضعفون عليهم وزرهم، فهم مسؤولون عن اتباعهم للطغاة، لا يعفيهم أنهم كانوا مستضعفين؛ لقد كرمهم الله بالإدراك والحرية، فعطلوا الإدراك وباعوا الحرية ورضوا لأنفسهم أن يكونوا ذيولاً وقبلوا لأنفسهم أن يكونوا مستذلين، فاستحقوا العذاب جميعاً؛ وأصابهم الكمد والحسرة وهم يرون العذاب حاضراً لهم مهيأ:
(وأسروا الندامة لما رأوا العذاب).. وهي حالة الكمد الذي يدفن الكلمات في الصدور، فلا تفوه بها الألسنة، ولا تتحرك بها الشفاه. ثم أخذهم العذاب المهين الغليظ الشديد: (وجعلنا الأغلال في أعناق الذين كفروا).. ثم يلتفت السياق يحدث عنهم وهم مسحوبون في الأغلال، مهملاً خطابهم إلى خطاب المتفرجين! (هل يجزون إلا ما كانوا يعملون؟).. ويسدل الستار على المستكبرين والمستضعفين من الظالمين وكلاهما ظالم، هذا ظالم بتجبره وطغيانه وبغيه وتضليله، وهذا ظالم بتنازله عن كرامة الإنسان، وإدراك الإنسان، وحرية الإنسان، وخنوعه وخضوعه للبغي والطغيان.. وكلهم في العذاب سواء. لا يجزون إلا ما كانوا يعملون.. يسدل الستار وقد شهد الظالمون أنفسهم في ذلك المشهد الحي الشاخص. شهدوا أنفسهم هناك وهم بعد أحياء في الأرض. وشهدهم غيرهم كأنما يرونهم. وفي الوقت متسع لتلافي ذلك الموقف لمن يشاء!...
التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :
لم تَجر حكاية هذا القول على طريقة حكاية المقاولات التي تحكى بدون عطف على حسن الاستعمال في حكاية المقاولات كما استقريناه من استعمال الكتاب المجيد وقدمناه في قوله: {وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة} [البقرة: 30] الآية، فجِيء بحرف العطف في حكاية هذه المقالة مع أن المستضعفين جاوبوا بها قول الذين استكبروا {أنحن صددناكم} [سبأ: 32] الآية لنكتة دقيقة، وهي التنبيه على أن مقالة المستضعفين هذه هي في المعنى تكملة لمقالتهم المحكية بقوله: {يقول الذين استضعفوا للذين استكبروا لولا أنتم لكنا مؤمنين} [سبأ: 31] تنبيهاً على أن مقالتهم تلقَّفها الذين استكبروا فابتدروها بالجواب للوجه الذي ذكرناه هنالك بحيث لو انتظروا تمام كلامهم وأبلعوهم ريقَهم لحصل ما فيه إبطال كلامهم ولكنهم قاطعوا كلامهم من فرط الجَزع أن يؤاخذوا بما يقوله المستضعفون. وحكي قولهم هذا بفعل الماضي لمزاوجة كلام الذين استكبروا لأن قول الذين استضعفوا هذا بعد أن كان تكملة لقولهم الذي قاطعه المستكبرون، انقلبَ جواباً عن تبرُّؤ المستكبِرين من أن يكونوا صدُّوا المستضعَفين عن الهدى، فصار لقول المستضعفين موقعان يقتضي أحد الموقعين عطفه بالواو، ويقتضي الموقع الآخر قرنه بحرف {بل} وبزيادة {مكر الليل والنهار}. وأصل الكلام: يقول الذين استضعفوا للذين استكبروا لولا أنتم لكنا مؤمنين إذ تأمروننا بالليل والنهار أن نكفر بالله الخ. فلما قاطعه المستكبرون بكلامهم أقحم في كلام المستضعفين حرف {بل} إبطالاً لقول المستكبرين {بل كنتم مجرمين} [سبأ: 32]. وبذلك أفاد تكملةَ الكلام السابق والجواب عن تبرؤ المستكبرين، ولو لم يعطف بالواو لما أفاد إلا أنه جواب عن كلام المستكبِرين فقط، وهذا من أبدع الإِيجاز.
{بل} للإِضراب الإِبطالي أيضاً إبطالاً لمقتضَى القصر في قولهم: {أنحن صددناكم عن الهدى} [سبأ: 32] فإنه واقع في حيّز نفي لأن الاستفهام الإِنكاري له معنى النفي.
الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - لجنة تأليف بإشراف الشيرازي 2009 هـ :
صحيح أنّنا كنّا أحراراً في القبول بذلك، وبذا نكون مقصّرين وجناة، ولكن باعتباركم عامل الفساد فأنتم مسؤولون ومجرمون، بل إنّكم واضعوا حجر الأساس لذلك، خاصّة وأنّكم كنتم تتحدّثون معنا دائماً من موقع القدرة والسلطة، (التعبير ب «تأمروننا» شاهد على هذا المعنى).
«الذين كفروا» يشير إلى أنّ فريقي الغاوين والمغويين المستضعفين وكلّ الكفّار يلقون ذلك المصير، وعادةً فإنّ ذكر ذلك الوصف هو إشارة إلى أنّ علّة عقابهم إنّما هي «كفرهم»...