المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{أَفَلَمۡ يَهۡدِ لَهُمۡ كَمۡ أَهۡلَكۡنَا قَبۡلَهُم مِّنَ ٱلۡقُرُونِ يَمۡشُونَ فِي مَسَٰكِنِهِمۡۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَأٓيَٰتٖ لِّأُوْلِي ٱلنُّهَىٰ} (128)

128- كيف يتعامون عن آيات الله ، وقد تبين لهم إهلاكنا لكثير من الأمم السالفة بسبب كفرهم ، ولم يتعظوا بهم مع أنهم يمشون في ديارهم ومساكنهم ، ويشهدون آثار ما حل بهم من العذاب ؟ ! وإن في تلك المشاهد لعظات لأصحاب العقول الراجحة .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{أَفَلَمۡ يَهۡدِ لَهُمۡ كَمۡ أَهۡلَكۡنَا قَبۡلَهُم مِّنَ ٱلۡقُرُونِ يَمۡشُونَ فِي مَسَٰكِنِهِمۡۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَأٓيَٰتٖ لِّأُوْلِي ٱلنُّهَىٰ} (128)

{ 128 } { أَفَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنَ الْقُرُونِ يَمْشُونَ فِي مَسَاكِنِهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِأُولِي النُّهَى }

أي : أفلم يهد هؤلاء المكذبين المعرضين ، ويدلهم على سلوك طريق الرشاد ، وتجنب طريق الغي والفساد ، ما أحل الله بالمكذبين قبلهم ، من القرون الخالية ، والأمم المتتابعة ، الذين يعرفون قصصهم ، ويتناقلون أسمارهم ، وينظرون بأعينهم ، مساكنهم من بعدهم ، كقوم هود وصالح ولوط وغيرهم ، وأنهم لما كذبوا رسلنا ، وأعرضوا عن كتبنا ، أصبناهم بالعذاب الأليم ؟

فما الذي يؤمن هؤلاء ، أن يحل بهم ، ما حل بأولئك ؟ { أكفاركم خير من أولئكم أم لكم براءة في الزبر* أم يقولون نحن جميع منتصر } لا شيء من هذا كله ، فليس هؤلاء الكفار ، خيرا من أولئك ، حتى يدفع عنهم العذاب بخيرهم ، بل هم شر منهم ، لأنهم كفروا بأشرف الرسل وخير الكتب ، وليس لهم براءة مزبورة وعهد عند الله ، وليسوا كما يقولون أن جمعهم ينفعهم ويدفع عنهم ، بل هم أذل وأحقر من ذلك ، فإهلاك القرون الماضية بذنوبهم ، من أسباب الهداية ، لكونها من الآيات الدالة على صحة رسالة الرسل الذين جاءوهم ، وبطلان ما هم عليه ، ولكن ما كل أحد ينتفع بالآيات ، إنما ينتفع بها أولو النهى ، أي : العقول السليمة ، والفطر المستقيمة ، والألباب التي تزجر أصحابها عما لا ينبغي .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{أَفَلَمۡ يَهۡدِ لَهُمۡ كَمۡ أَهۡلَكۡنَا قَبۡلَهُم مِّنَ ٱلۡقُرُونِ يَمۡشُونَ فِي مَسَٰكِنِهِمۡۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَأٓيَٰتٖ لِّأُوْلِي ٱلنُّهَىٰ} (128)

ثم وبخ - سبحانه - أولئك الذين لم ينتفعوا بآياته فقال : { أَفَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِّنَ القرون يَمْشُونَ فِي مَسَاكِنِهِمْ . . . } .

والهمزة للاستفهام الإنكارى التوبيخى ، والفاء للعطف على مقدر . . .

والمعنى : أبلغت الغفلة والجهالة بهؤلاء المشركين ، أنهم لم يتبين لهم ، أننا أهلكنا كثيرا من أهل القرون الماضية ، الذين كانوا يمشون آمنين لاهين فى مساكنهم . . .

وكان إهلا كنا لهم بسبب إيثارهم الكفر على الإيمان ، والغى على الرشد ، والعمى على الهدى . . .

فالآية الكريمة تقريع وتوبيخ لكفار مكة الذين لم يعتبروا بما أصاب أمثالهم من الأمم السابقة ، كقوم نوح وعاد وثمود . . .

قال الآلوسى : وقوله : { يَمْشُونَ فِي مَسَاكِنِهِمْ } حال من { القرون } أو من مفعول { أَهْلَكْنَا } أى : أهلكناهم وهم فى حال آمن وتقلب فى ديارهم . واختار بعضهم كونه حالا من الضمير فى { لَهُمْ } مؤكدا للإنكار والعامل فيه { يَهْدِ } . أى : أفلم يهد للمشركين حال كونهم ماشين فى مساكنهم من أهلكنا من القرون السالفة من أصحاب الحجر ، وثمود ، وقوم لوط ، مشاهدين لآثار هلاكهم إذا سافروا إلى بلاد الشام وغيرها .

وقوله - سبحانه - : { إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لأُوْلِي النهى } تذييل قصد به تعليل الإنكار ، أى : إن فى ذلك الذى أخبرناهم به ، وأطلعناهم عليه من إهلاك المكذبين السابقين ، { لآيَاتٍ } عظيمة ، وعبر كثيرة ، ودلائل واضحة لأصحاب العقول السليمة ، التى تنهى أصحابها عن القبائح والآثام .

والنهى : جمع نُهية - بضم النون وإسكان الهاء - سمى العقل بها لنهيه عن القبائح .