الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{أَفَلَمۡ يَهۡدِ لَهُمۡ كَمۡ أَهۡلَكۡنَا قَبۡلَهُم مِّنَ ٱلۡقُرُونِ يَمۡشُونَ فِي مَسَٰكِنِهِمۡۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَأٓيَٰتٖ لِّأُوْلِي ٱلنُّهَىٰ} (128)

ثم قال : { أفلم يهد لهم كم أهلكنا قبلهم من القرون }[ 126 ] .

أي : أفلم يهد يا محمد لقومك كثرة ما أهلكنا قبلهم من القرون الماضية ، يمشون في مساكنهم وآثارهم ، ويرون آثار العقوبة التي أحللنا بهم{[45643]} لما كفروا ، فيؤمنون بالله وكتبه ورسله خوفا أن يصيبهم بكفرهم مثل ما أصاب القرون قبلهم ، فيكون ( كم ) فاعلة ليهد على هذا التقدير ، كأنه قال : أفلم يهد لهم القرون التي هلكت . ( ويهد ) بمعنى ، يبين ، وشاهد هذا التقدير أن في حرف/ ابن مسعود : أفلم يهد لهم من أهلكنا قبلهم{[45644]} فكم في موضع ( من ) .

وقيل{[45645]} : ( كم ) استفهام ، فلا يعمل{[45646]} ما قبلها فيها ، وهي في موضع نصب{[45647]} ب( أهلكنا ) . وهذا القول هو الصحيح عند البصريين ، لا يعمل{[45648]} ما قبل ( كم ) فيها خبرا كانت أو استفهاما ، إنما يعمل فيها عندهم ما بعدها ، كأي في الاستفهام .

وكانت{[45649]} قريش تسافر إلى الشام ، فيرون آثار عاد وثمود ومن هلك بكفره قبلهم وبعدهم ، فحذرهم الله أن يصيبهم مثل ما عاينوا .

وقيل : التقدير : أفلم يهد لهم الأمر ، بإهلاكنا من أهلكنا ، فالفاعل{[45650]} مضمر .

وقال المبرد : الفاعل المصدر ، ودل ( يهدي ) عليه ، كأنه قال : يهدي الهدى .

ثم قال تعالى : { إن في ذلك لآيات لأولي النهى }[ 126 ] .

أي : إن{[45651]} في ما يعاين هؤلاء من مساكن القرون الهالكة{[45652]} التي كذبت رسلها{[45653]} قبلهم ، لدلالات وعبرا ومواعظ{[45654]} لأولى العقول .

وقال ابن عباس : { لأولي النهى } : لأولي التقى{[45655]} .

وقال قتادة : لأولي الورع{[45656]} .


[45643]:ز: عليهم.
[45644]:من قوله: (القرون التي هلكت. إلى ..قبلهم) ساقط من ز.
[45645]:انظر: معاني الزجاج 3/379.
[45646]:ز: يعلم. (تحريف).
[45647]:نصب سقطت من ز.
[45648]:ز: يعلم (تحريف).
[45649]:ز: كان.
[45650]:ز: فالفاء. (تحريف).
[45651]:إن سقطت من ز.
[45652]:ز: المهلكة.
[45653]:ز: رسلهم.
[45654]:ز: مواعظة. (تحريف).
[45655]:انظر: جامع البيان 16/231 وفتح القدير 3/371.
[45656]:انظر: جامع البيان 16/231.