غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{أَفَلَمۡ يَهۡدِ لَهُمۡ كَمۡ أَهۡلَكۡنَا قَبۡلَهُم مِّنَ ٱلۡقُرُونِ يَمۡشُونَ فِي مَسَٰكِنِهِمۡۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَأٓيَٰتٖ لِّأُوْلِي ٱلنُّهَىٰ} (128)

ثم وبخ المعرضين عن الدلائل بعدم الاعتبار بأحوال القرون الخالية فقال : { أفلم يهد لهم } بالفاء وفي السجدة بالواو ، لأن الكلام ههنا كالمتصل بقوله : { ومن أعرض عن ذكري } وهناك كالمنفصل عن الإعراض لأنه قال : { ومن أظلم ممن ذكر بآيات ربه ثم أعرض عنها } [ السجدة : 22 ] . وبعد ذلك أورد قصة موسى فناسب الاستئناف بالواو ، وأما حذف من ههنا وإثباته هنالك فلما مر من أن " من " تفيد الاستيعاب وهنالك قد زاد في القرون بشرح قصة بني إسرائيل وما فيهم من الملوك والأنبياء . قال في الكشاف : فاعل : { لم يهد } الجملة بعده . وأنكر البصريون مثل هذا لأن الجملة لا تقع فاعلاً فلهذا قال : يريد أو لم يهد لهم هذا المعنى أو مضمون هذا الكلام . قال القفال : جعل كثرة ما أهلك من القرون مبيناً لهم . وقال الزجاج : أراد أَوَ لَمْ نبين لهم ما يهدون به لو تدبروا وتأملوا . وقيل : فيه ضمير الله أو الرسول والجملة بعده تفسره يريد أن قريشاً يتقلبون في السورة . قال بعض أهل اللغة : إن للنبيه مزية على العقل فلا يقال إلا لمن له عقل ينتهي به عن القبائح فقوله : { أولي النهى } كقوله : { أولي العزم } [ الأحقاف : 35 ] والحزم ومن هذا فسره بعضهم بأهل الورع والتقوى .

/خ115