المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{ثُمَّ جَعَلۡنَٰكَ عَلَىٰ شَرِيعَةٖ مِّنَ ٱلۡأَمۡرِ فَٱتَّبِعۡهَا وَلَا تَتَّبِعۡ أَهۡوَآءَ ٱلَّذِينَ لَا يَعۡلَمُونَ} (18)

18- ثم جعلناك - يا محمد - بعد اختلاف أهل الكتاب مبعوثاً على منهاج واضح من أمر الدين الذي شرعناه لك ولمن قبلك من رسلنا ، فاتبع شريعتك الحقة الثابتة بالحُجج والدلائل ، ولا تتبع أهواء الذين لا يعلمون طريق الحق .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{ثُمَّ جَعَلۡنَٰكَ عَلَىٰ شَرِيعَةٖ مِّنَ ٱلۡأَمۡرِ فَٱتَّبِعۡهَا وَلَا تَتَّبِعۡ أَهۡوَآءَ ٱلَّذِينَ لَا يَعۡلَمُونَ} (18)

ثم أمر الله - تعالى - رسوله - صلى الله عليه وسلم - أن يتمسك بالدين الذي أوحاه إليه ، فقال : { ثُمَّ جَعَلْنَاكَ على شَرِيعَةٍ مِّنَ الأمر فاتبعها } .

والشريعة في الاصل تطلق على المياه والأنهار التي يقصدها الناس للشرب منها ، والمراد بها هنا : الدين والملة ، لأن الناس يأخذون منها ما تحيا به أرواحهم ، كما يأخذون من المياه والأنهار ما تحيا به أدبانهم .

قال القرطبي : الشريعة في اللغة : المذهب والملة . ويقال لمشرعة الماء - وهي مورد الشاربة - شريعة . ومنه الشارع ؛ لأنه طريق إلى القصد . فالشريعة : ما شرع الله لعباده من الدين ، والجمع الشرائع والشرائع في الدين المذاهب التي شرعها الله - تعالى - لخلقه .

أي : ثم جعلناك - أيها الرسول الكريم - على شريعة ثابتة ، وسنة قويمة ، وطريقة حميدة ، من أمر الدين الدين الذي أوحيناه إليك ، { فاتبعها } اتباعا تاما لا انحراف عنه { وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَآءَ الذين لاَ يَعْلَمُونَ } من أهل الكفر والضلال والجهل .

وقد ذكروا أن كفار قريش قالوا للنبي - صلى الله عليه وسلم - ارجع إلى دين آبائك ، فإنهم كانوا أفضل منك ، فنزلت هذه الآية .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{ثُمَّ جَعَلۡنَٰكَ عَلَىٰ شَرِيعَةٖ مِّنَ ٱلۡأَمۡرِ فَٱتَّبِعۡهَا وَلَا تَتَّبِعۡ أَهۡوَآءَ ٱلَّذِينَ لَا يَعۡلَمُونَ} (18)

{ ثم جعلناك على شريعة } طريقة { من الأمر } من أمر الدين . { فاتبعها } فاتبع شريعتك الثابتة بالحجج . { ولا تتبع أهواء الذين لا يعلمون } آراء الجهال التابعة للشهوات ، وهم رؤساء قريش قالوا له ارجع إلى دين آبائك .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{ثُمَّ جَعَلۡنَٰكَ عَلَىٰ شَرِيعَةٖ مِّنَ ٱلۡأَمۡرِ فَٱتَّبِعۡهَا وَلَا تَتَّبِعۡ أَهۡوَآءَ ٱلَّذِينَ لَا يَعۡلَمُونَ} (18)

المعنى : { ثم جعلناك على شريعة } ، فلا محالة أنه سيختلف عليك كما تقدم لبني إسرائيل فاتبع شريعتك ، والشريعة في كلام العرب : الموضع الذي يرد فيه الناس في الأنهار والمياه ومنه قول الشاعر : [ البسيط ] .

وفي الشرائع من جيلان مقتنص . . . رث الثياب خفيّ الشخص منسرب{[10269]}

فشريعة الدين هي من ذلك ، كأنها من حيث يرد الناس أمر الحدود ورحمته والقرب منه . وقال قتادة : الشريعة : الفرائض والحدود والأمر والنهي .

وقوله : { من الأمر } يحتمل أن يكون واحد الأمور أي من دون الله ونبواته التي بثها في سالف الزمان ، ويحتمل أن يكون مصدراً من أمر يأمر ، أي على شريعة من الأوامر والنواهي ، فسمى جميع ذلك أمراً . و { الذين لا يعلمون } هم الكفار الذين كانوا يريدون صرف محمد صلى الله عليه وسلم إلى إرادتهم .


[10269]:هذا البيت شاهد على أن الشريعة هي الموضع الذي يرد فيه الناس إلى الأنهار والمياه فيشربون ويستقون، وهو في اللسان(زرب)، وقد نسبه إلى ذي الرمة، والرواية فيه: وبالشمائل من جلان مقتنص رذل الثياب خفي الشخص منزرب قال:"والزرب والزريبة": بئر يحتفرها الصائد، يكمن فيها للصيد، وفي الصحاح: انزرب الصائد في قترته: دخل: قال ذو الرمة:"وبالشمائل من جلان..." البيت، وجلان: قبيلة"اهـ. وعلى هذا فلا شاهد فيه هنا، أما على رواية"وفي الشرائع" فإن الشريعة هي الموضع الذي يُنحدر منه إلى الماء، جاء في اللسان(شرع):"شرع الوارد يشرع وشروعا: تناول الماء بفيه، وشرعت الدواب في الماء: دخلت، والشريعة والشِراع والمشرعة: المواضع التي ينحدر إلى الماء منها، قال الليث: وبها سمي ما شرع الله للعباد شريعة"اهـ.وجيْلان-بفتح الجيم وبياء ساكنة كما ضبطه الحموي في معجم البلدان- هم قوم من أبناء فارس انتقلوا إلى نواحي اصطخر فزلوا بطرف من البحرين فغرسوا وزرعوا وحفروا وأقاموا هناك، فنزل عليهم قوم من بني عِجل فدخلوا فيهم، وهذا يتفق مع قول اللسان: جَلاّن: قبيلة. والمقتنص: الصائد، والشخص: كل جسم له ارتفاع وظهور، وغلب في الإنسان، وانسرب: اختفى في شيء،يقول: إن في موارد المياه صائد من قبيلة جلان يخفي شخصه، ويدخل في قُترته ويبقى في انتظار فرائسه. وهذا وقد سبق الاستشهاد بهذا البيت في تفسير قوله تعالى في الآية(48) من سورة (المائدة):{لكل جعلنا منكم شِرعة ومنهاجا}. راجع الجزء الرابع صفحة(470).