السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{ثُمَّ جَعَلۡنَٰكَ عَلَىٰ شَرِيعَةٖ مِّنَ ٱلۡأَمۡرِ فَٱتَّبِعۡهَا وَلَا تَتَّبِعۡ أَهۡوَآءَ ٱلَّذِينَ لَا يَعۡلَمُونَ} (18)

ولما بين تعالى أنهم أعرضوا عن الحق بغياً وحسداً أمر رسوله صلى الله عليه وسلم أن يعدل عن تلك الطريقة وأن يتمسك بالحق وأن لا يكون له غرض سوى إظهار الحق ، فقال تعالى : { ثم } أي : بعد فترة من رسلهم ومجاوزة رتب كثيرة عالية على رتبة شريعتهم { جعلناك } أي : بما لنا من العزة والقدرة { على شريعة } أي : طريقة واسعة عظيمة ظاهرة مستقيمة سهلة موصلة إلى المقصود هي جديرة بأن يشرع الناس فيها ويخالطوها مبتدأة { من الأمر } أي : أمر الدين الذي هو حياة الأرواح كما أن الأرواح حياة الأشباح { فاتّبعها } أي : اتبع بغاية جهدك شريعتك الثابتة بالحجج { ولا تتّبع أهواء } أي : آراء { الذين لا يعلمون } أي : لا علم لهم أو لهم علم لكنهم يعملون عمل من ليس لهم علم أصلاً من كفار العرب وغيرهم ، قال الكلبي : «إن رؤساء قريش قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم وهو بمكة : ارجع إلى دين آبائك فهم كانوا أفضل منك وأسن ، فأنزل الله تعالى هذه الآية » .