البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{ثُمَّ جَعَلۡنَٰكَ عَلَىٰ شَرِيعَةٖ مِّنَ ٱلۡأَمۡرِ فَٱتَّبِعۡهَا وَلَا تَتَّبِعۡ أَهۡوَآءَ ٱلَّذِينَ لَا يَعۡلَمُونَ} (18)

لما ذكر تعالى إنعامه على بني إسرائيل واختلافهم بعد ذلك ، ذكر حال نبيه عليه الصلاة والسلام وما منّ به عليه من اصطفائه فقال : { ثم جعلناك على شريعة من الأمر فاتبعها ولا تتبع أهواء } .

قال قتادة : الشريعة : الأمر ، والنهي ، والحدود ، والفرائض .

وقال مقاتل : البينة ، لأنها طريق إلى الحق .

وقال الكلبي : السنة ، لأنه كان يستن بطريقة من قبله من الأنبياء .

وقال ابن زيد : الدّين ، لأنه طريق إلى النجاة .

والشريعة في كلام العرب : الموضع الذي يرد فيه الناس في الأنهار والمياه ، ومنه قول الشاعر :

وفي الشرائع من جيلان مقتص *** رث الثياب خفي الشخص منسرب

فشريعة الدّين من ذلك ، من حيث يرد الناس أمر الله ورحمته والقرب منه ، من الأمور التي من دين الله الذي بعثه في عباده في الزمان السالف ؛ أو يكون مصدر أمر ، أي من الأمر والنهي ، وسمي النهي أمراً .

{ أهواء الذين لا يعلمون } ، قيل : جهال قريظة والنضير .

وقيل : رؤساء قريش ، حين قالوا : أرجع إلى دين آبائك .