وقوله - تعالى - { لاَ يَحْزُنُهُمُ الفزع الأكبر . . . } بيان لنجاتهم من كل ما يفزعهم ويدخل القلق على نفوسهم .
أى : إن هؤلاء الذين سبقت لهم منا الحسنى ، لا يحزنهم ما يحزن غيرهم من أهوال يشاهدونها ويحسونها فى هذا اليوم العصيب ، وهم يوم القيامة وما يشتمل عليه من مواقف متعددة ، فالمراد بالفزع الأكبر : الخوف الأكبر الذى يعترى الناس فى هذا اليوم .
وفضلا عن ذلك فإن الملائكة تستقبلهم بفرح واستبشار ، فتقول لهم على سبيل التهنئة : { هذا يَوْمُكُمُ الذي كُنتُمْ تُوعَدُونَ } به فى الدنيا من خالقكم - عز وجل - فى مقابل إيمانكم وعملكم الصالح .
قالوا : وهذا الاستقبال من الملائكة للمؤمنين ، يكون على أبواب الجنة ، أو عند الخروج من القبور .
وقوله : { لا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الأكْبَرُ } قيل المراد بذلك الموت . رواه عبد الرزاق ، عن يحيى بن ربيعة عن عطاء .
وقيل : المراد بالفزع الأكبر : النفخة في الصور . قاله العَوْفي عن ابن عباس ، وأبو سِنَان سعيد{[19894]} ابن سنان الشيباني ، واختاره ابن جرير في تفسيره .
وقيل : حين يُؤْمَر بالعبد إلى النار . قاله الحسن البصري .
وقيل : حين تُطبق النار على أهلها . قاله سعيد بن جُبَيْر ، وابن جُرَيج .
وقيل : حين يُذبَح الموت بين الجنة والنار . قاله أبو بكر الهذلي{[19895]} ، فيما رواه ابن أبي حاتم ، عنه .
وقوله : { وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ هَذَا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ } ، يعني : تقول لهم الملائكة ، تبشرهم يوم معادهم إذا خرجوا من قبورهم : { هَذَا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ } أي : قابلوا{[19896]} ما يسركم .
جملة { لا يحزنهم الفزع } خبر ثان عن الموصول .
والفزع : نفرة النفس وانقباضها مما تتوقع أن يحصل لها من الألم وهو قريب من الجَزع . والمراد به هنا فزع الحشر حين لا يعرف أحد ما سيؤول إليه أمره ، فيكونون في أمن من ذلك بطمأنة الملائكة إياهم .
وذلك مفاد قوله تعالى : { وتتلقاهم الملائكة هذا يومكم الذي كنتم توعدون } فهؤلاء الذين سبقت لهم الحسنى هم المراد من الاستثناء في قوله تعالى :
{ ويوم ينفخ في الصور ففزع من في السماوات ومن في الأرض إلا مَن شاء الله } [ النمل : 87 ] .
والتلقي : التعرض للشيء عند حلوله تعرض كرامة . والصيغة تشعر بتكلف لقائه وهو تكلف تهيؤ واستعداد .
وجملة { هذا يومكم الذي كنتم توعدون } مقول لقول محذوف ، أي يقولون لهم : هذا يومكم الذي كنتم توعدون ، تذكيراً لهم بما وُعدوا في الدنيا من الثواب ، لئلا يحسبوا أن الموعود به يقع في يوم آخر . أي هذا يوم تعجيل وعدكم . والإشارة باسم إشارة القريب لتعيين اليوم وتمييزه بأنه اليوم الحاضر .
وإضافة ( يوم ) إلى ضمير المخاطبين لإفادة اختصاصه بهم وكون فائدتهم حاصلة فيه كقول جرير :
يا أيها الراكب المزجي مطيته . . . هذا زمَانُك إني قد خلا زمني
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.