المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{مَّن يُصۡرَفۡ عَنۡهُ يَوۡمَئِذٖ فَقَدۡ رَحِمَهُۥۚ وَذَٰلِكَ ٱلۡفَوۡزُ ٱلۡمُبِينُ} (16)

16- من يُصرف عنه هذا العذاب يوم القيامة ، فقد رحمه الله ، وذلك هو الفوز الثابت البيّن .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{مَّن يُصۡرَفۡ عَنۡهُ يَوۡمَئِذٖ فَقَدۡ رَحِمَهُۥۚ وَذَٰلِكَ ٱلۡفَوۡزُ ٱلۡمُبِينُ} (16)

ثم بين - سبحانه - أن النجاة من هول هذا اليوم غنيمة ليس بعدها غنيمة فقال : { مَّن يُصْرَفْ عَنْهُ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمَهُ وَذَلِكَ الفوز المبين } .

أى : من يصرف عنه عذاب هذا اليوم ، فإنه يكون ممن شملتهم رحمة الله ورعايته ، وذلك هو الفوز الذى ليس بعده فوز .

والضمير الذى يعتبر نائب فاعل ليصرف ، يعود على العذاب العظيم الذى سيحل بالمجرمين يوم القيامة .

وفى قراءة لحمزة والكسائى وأبى بكر عن عاصم ( من يصرف ) بفتح الياء فيكون الضمير عائدا على الله - ويكون المفعول محذوفاً . والتقدير من يصرف الله عنه هذا العذاب العظيم فى ذلك اليوم فقد شملته رحمة الله ، وعلى كلتا القراءتين فالضمير فى قوله ( فقد رحمه ) يعود على الله - تعالى - :

هذا ، وفى هذه الآيات الخمس نجد القرآن قد أمر النبى صلى الله عليه وسلم بقوله { قُلْ } خمس مرات وهو أسلوب إنذارى تلقينى كثر استعماله فى هذه السورة - كما سبق أن قلنا فى التمهيد لها - لأنه يلقن النبى صلى الله عليه وسلم الحجج التى تزلزل كيان المشركين وتأتى على بنيانهم من القواعد .

وفضلا عن ذلك فهو لون من التفنن فى أسلوب الدعوة إلى أن يحتاج إليه المرشدون والدعاة . لأن التزام أسلوب واحد فى إقامة الحجة على الخصم يفضى إلى السآمة والملل ، ومن هنا فقد لون القرآن أساليبه حتى تناسب العقول على اختلاف مداركها ، وصدق الله إذ يقول { انظر كَيْفَ نُصَرِّفُ الآيات لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{مَّن يُصۡرَفۡ عَنۡهُ يَوۡمَئِذٖ فَقَدۡ رَحِمَهُۥۚ وَذَٰلِكَ ٱلۡفَوۡزُ ٱلۡمُبِينُ} (16)

{ مَنْ يُصْرَفْ عَنْهُ } يعني : العذاب { يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمَهُ } يعني : فقد رحمه الله { وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْمُبِينُ }{[10598]} كما قال : { فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ } [ آل عمران : 185 ] ، والفوز : هو حصول الربح ونفي الخسارة .


[10598]:في م، أ، هـ: "وذلك هو الفوز المبين"، وهو خطأ.
 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{مَّن يُصۡرَفۡ عَنۡهُ يَوۡمَئِذٖ فَقَدۡ رَحِمَهُۥۚ وَذَٰلِكَ ٱلۡفَوۡزُ ٱلۡمُبِينُ} (16)

{ من يصرف عنه يومئذ } أي بصرف العذاب عنه . وقرأ حمزة والكسائي ويعقوب وأبو بكر عن عاصم { يصرف } على أن الضمير فيه لله سبحانه وتعالى . وقد قرئ بإظهاره والمفعول به محذوف ، أو يومئذ بحذف المضاف . { فقد رحمه } نجاه وأنعم عليه . { وذلك الفوز المبين } أي الصرف أو الرحمة .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{مَّن يُصۡرَفۡ عَنۡهُ يَوۡمَئِذٖ فَقَدۡ رَحِمَهُۥۚ وَذَٰلِكَ ٱلۡفَوۡزُ ٱلۡمُبِينُ} (16)

{ يصرف } مبني للمجهول في قراءة الأكثر ، على أنّه رافع لضمير العذاب أو لضمير { من } على النيابة عن الفاعل . والضمير المجرور ب« عن » عائد إلى { مَن } أي يصرف العذاب عنه ، أو عائد إلى العذاب ، أي من يصرف هو عن العذاب ، وعلى عكس هذا العود يكون عود الضمير المستتر في قوله : { يصرف } .

وقرأه حمزة ، والكسائي ، وأبو بكر عن عاصم ، ويعقوب ، وخلف { يصرف } بالبناء للفاعل على أنّه رافع لضمير { ربّي } على الفاعلية .

أمّا الضمير المستتر في { رحمَهُ } فهو عائد إلى { ربّي } ، والمنصوب عائد إلى { مَن } على كلتا القراءتين .

ومعنى وصف العذاب بمضمون جملة الشرط والجزاء ، أي من وفّقه الله لتجنّب أسباب ذلك العذاب فهو قد قدّر الله له الرحمة ويسّر له أسبابها .

والمقصود من هذا الكلام إثبات مقابل قوله : { إنّي أخاف إن عصيت ربّي عذاب يوم عظيم } كأنّه قال : أرجو إن أطعته أن يرحمني ربّي ، لأنّ من صرف عنه العذاب ثبتت له الرحمة . فجاء في إفادة هذا المعنى بطريقة المذهب الكلامي . وهو ذكر الدليل ليعلم المدلول . وهذا ضرب من الكناية وأسلوب بديع بحيث يدخل المحكوم له في الحكم بعنوان كونه فرداً من أفراد العموم الذين ثبت لهم الحكم .

ولذلك عقّبه بقوله : { وذلك الفوز المبين } . والإشارة موجّهة إلى الصرف المأخوذ من قوله : { من يصرف عنه } أو إلى المذكور . وإنّما كان الصرف عن العذاب فوزاً لأنّه إذا صرف عن العذاب في ذلك اليوم فقد دخل في النعيم في ذلك اليوم . قال تعالى : { فمن زحزح عن النار وأدخل الجنّة فقد فاز } [ آل عمران : 185 ] . و { المبين } اسم فاعل من أبان بمعنى بان .