الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{مَّن يُصۡرَفۡ عَنۡهُ يَوۡمَئِذٖ فَقَدۡ رَحِمَهُۥۚ وَذَٰلِكَ ٱلۡفَوۡزُ ٱلۡمُبِينُ} (16)

قوله : { من يصرف عنه يومئذ } الآية [ 17 ] .

من قرأ { يصرف } بضم الياء وفتح الراء{[19280]} ، فعلى ما لم يُسمَّ فاعله{[19281]} . ومن فتح الياء وكسر الراء{[19282]} ، فعلى إضمار ، والتقدير : ( من يصرف الله عنه العذاب{[19283]} ) يومئذ{[19284]} .

والأول أحسن عند سيبويه ، لأن الإضمار كلما{[19285]} قل كان أحسن{[19286]} . فتقدير من ضم الياء : من يُصرف عنه يومئذ فقد رحمه الله ، ففي { يصرف } ذكر العذاب المتقدم{[19287]} ، ويضمر الاسم بعد ( رحمه ){[19288]} ، وفي الفتح يضمر الاسم والعذاب جميعا{[19289]} .

وقيل التقدير – في قراءة من فتح الياء – من يصرف ( الله ){[19290]} عنه شر يومئذ{[19291]} ، ثم حذف المضاف{[19292]} .

وفي قراءة عبد الله وأبي : ( من يصرف الله عن يوم القيامة ){[19293]} ، وهذا شاهد لمن قرأ بالفتح{[19294]} .

واحتج بعضهم لقراءة من فتح الياء أنه قريب من اسم الله ، كأن تقديره : من يَصرف ربّي ( العذاب عنه ){[19295]} فقد رحمه ، واحتج أيضا بقوله : { فقد رحمه } ولم يقل : ( فقد رُحم ){[19296]} ، فجريان{[19297]} آخر الكلام على أوله أحسن من مخالفته لأوله{[19298]} . قال : ولو قلت : ( من وهب لك درهما فقد أكرمك ) ، كان أحسن من أن تقول : ( من وُهِبَ له درهم فقد أكرمه{[19299]} ) ، وقولك : ( من يؤخذ منه ماله{[19300]} ، فقد ظُلم ) أحسن من قولك ( من يؤخذ منه ماله فقد ظلمه ) ، وهو بعيد في الكلام وكذلك من قرأ : ( من ){[19301]} يُصرف عنه يومئذ فقد رحمه{[19302]} .

وقراءة الفتح اختيار أبي عبيد وأبي حاتم على معنى : من يصرف الله عنه يومئذ عذابه فقد رحمه{[19303]} .

{ وذلك } : إشارة إلى صرف{[19304]} العذاب ، و{ الفوز }{[19305]} : النجاة من الهلاك ، والظفر بالمطلوب ، { المبين } ( أي ){[19306]} الظاهر{[19307]} لمن وفقه الله{[19308]} .


[19280]:هي قراءة ابن كثير ونافع وأبي عمرو وابن عامر وعاصم في رواية حفص عنه في السبعة 254، وقراءة أبي جعفر أيضا في المبسوط 191.
[19281]:انظر: تفسير الطبري 11/286، وحجة ابن خالويه 136، وحجة ابن زنجلة 243، وإعراب مكي 247، والكشف 1/425.
[19282]:هي قراءة حمزة والكسائي وعاصم في رواية أبي بكر عنه في السبعة 254، وقراءة يعقوب وخلف أيضا في المبسوط 191.
[19283]:هذا تفسير قتادة في تفسير الطبري 11/287، والنحاس في إعرابه 1/539.
[19284]:انظر: حجة ابن زنجلة 243، وإعراب مكي 247.
[19285]:الظاهر من الطمس في (أ) أنها كما أثبت. ب ج د: كل ما.
[19286]:انظر: إعراب النحاس 1/539، وإعراب مكي 247، وحجة ابن زنجلة 243، والكشف 1/425، وإعراب ابن الأنباري 1/315.
[19287]:انظر: معاني الزجاج 2/233، وحجة ابن خالويه 136، وحجة ابن زنجلة 243، والكشف 1/425، وإعراب ابن الأنباري 315.
[19288]:انظر: المحرر 6/17.
[19289]:(فتأويل الكلام: من يصرف عنه من خلقه يومئذ عذابه فقد رحمه) تفسير الطبري 11/286، وانظر: حجة ابن خالويه 136، وإعراب مكي 247، وإعراب ابن الأنباري 1/315.
[19290]:ساقطة من ب ج د.
[19291]:انظر: معاني الزجاج 2/233، وإعراب العكبري 485.
[19292]:والمضاف المحذوف: مفعول به. انظر: المحرر 6/17.
[19293]:((من يصرفه الله) بهاء: أبيّ) مختصر ابن خالويه 36، والمحرر 6/17.
[19294]:انظر: الكشف 1/425، وفيه أن قراءة أبي (من يَصرفُه اللهُ عنه).
[19295]:ج د: عنه العذاب.
[19296]:ب: لم. ج د: رحم. هذا اختيار الطبري في تفسيره 11/286.
[19297]:ب: بجريان.
[19298]:انظر: حجة ابن زنجلة 243، والمحرر 6/17.
[19299]:الظاهر من الطمس في (أ) أنها: أكرمه له.
[19300]:ب ج د: قال.
[19301]:ساقطة من ج د.
[19302]:ب ج د: رحمه بعيد.
[19303]:انظر: إعراب النحاس 1/539. قال في المحرر 6/17: (وأما مكي بن أبي طالب رحمه الله فتخبَّط في كتاب (الهداية) في ترجيح القراءة بفتح الياء، ومثَّل في احتجاجه بأمثلة فاسدة والله ولي التوفيق)، وقال قبله مشيرا إلى الترجيح: (وهذا توجيه لفظي، تعلُّقه خفيف، وأما المعنى فالقراءتان واحد).
[19304]:ب: اصرف.
[19305]:ب ج د: للفوز.
[19306]:ساقطة من ج د.
[19307]:د: الطاهر.
[19308]:انظر: تفسير الطبري 11/286.