إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{مَّن يُصۡرَفۡ عَنۡهُ يَوۡمَئِذٖ فَقَدۡ رَحِمَهُۥۚ وَذَٰلِكَ ٱلۡفَوۡزُ ٱلۡمُبِينُ} (16)

{ من يُصْرَفْ عَنْهُ } على البناء للمفعول أي العذاب ، وقرئ على البناء للفاعل والضمير لله سبحانه ، وقد قرئ بالإظهار ، والمفعول محذوف وقوله تعالى : { يَوْمَئِذٍ } ظرف للصرف ، أي في ذلك اليوم العظيم ، وقد جوز أن يكون هو المفعول على قراءة البناء للفاعل بحذف المضاف أي عذاب يومئذ { فَقَدْ رَحِمَهُ } أي نجاه وأنعم عليه وقيل : فقد أدخله الجنة كما في قوله تعالى : { فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النار وَأُدْخِلَ الجنة فَقَدْ فَازَ } [ آل عمران ، الآية 185 ] والجملة مستأنفةٌ مؤكِّدةٌ لتهويل العذاب ، وضميرُ عنه ورَحمه ( لمن ) ، وهو عبارة عن غير العاصي { وَذَلِكَ } إشارة إلى الصرف أو الرحمة ، لأنها مؤوّلة بأن مع الفعل وما فيه من معنى البعد للإيذان بعلو درجته ، وبعد مكانه في الفضل ، وهو مبتدأ خبرُه قوله تعالى : { الفوز المبين } أي الظاهرُ كونُه فوزاً وهو الظَفَر بالبُغية ، والألف واللام لقصره على ذلك .