تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{مَّن يُصۡرَفۡ عَنۡهُ يَوۡمَئِذٖ فَقَدۡ رَحِمَهُۥۚ وَذَٰلِكَ ٱلۡفَوۡزُ ٱلۡمُبِينُ} (16)

الآية 16 وقوله تعالى : { من يصرف عنه يومئذ فقد رحمه } قال بعض المعتزلة : الرحمة ههنا الجنة لأن الله تعالى جعل في الآخرة دارين : إحداهما{[6948]} : النار ، سماها سخطة ، والأخرى : الجنة ، سماها رحمة . وإنما حملهم على هذا لأنه لا يصفون الله بالرحمة في الأزل . فعلى قولهم يكون قول رسول الله صلى الله عليه وسلم حين{[6949]} قال ( لا يدخل أحد الجنة إلا برحمته . قيل : ولا أنت يا رسول الله ؟ قال : ولا أنا إلا أن يتغمدني الله برحمته ، فأدخل فيها [ مسلم : 2816/ 71 و 2818/78 ] .

وعلى هذا يخرج ما سمى المطر رحمة لما برحمته ينزل{[6950]} ، وكذا كل ما سمى رحمة في الشاهد يخرج على ما ذكرنا ، والله أعلم .

ثم قوله تعالى : { من يصرف عنه يومئذ } قيل : { من يصرف عنه } العذاب { يومئذ فقد رحمه } وكذلك روي في حرف حفصة : من يصرف عنه شر ذلك اليوم فقد رحمه .

ويحتمل أن يكون قوله تعالى : { من يصرف عنه يومئذ فقد رحمه } صلة قوله تعالى : { قل إني أخاف إن عصيت ربي عذاب يوم عظيم } [ الأنعام : 15 ] وكذلك روي عن ابن عباس رضي الله عنه [ أنه ]{[6951]} قال في قوله تعالى : { قل إني أخاف إن عصيت ربي } قل لكفار أهل مكة حين يدعونك{[6952]} إلى دينهم على ما ذكر في بعض القصة { قل إني أخاف إن عصيت ربي عذاب يوم عظيم } { من يصرف عنه يومئذ فقد رحمه } .

وقوله تعالى : { وذلك الفوز المبين } وذلك الصرف ؛ يعني صرف العذاب الفوز المبين . وإنما ذكره ، والله أعلم ، فوزا مبينا لأنه فوز دائم ، لا زوال له ، وليس كفوز هذه الدنيا ؛ يكون في وقت ، ثم يزول عن قريب ، وكذلك فوز الآخرة .


[6948]:- في الأصل وم : أحدهما.
[6949]:- في الأصل وم: حيث.
[6950]:- إشارة إلى قوله تعالى {فانظر إلى آثار رحمة الله الله كيف يحيي الأرض بعد موتها..} [الروم: 50].
[6951]:- ساقطة من الأصل وم .
[6952]:- في الأصل وم: دعوك.