تفسير مقاتل بن سليمان - مقاتل  
{فَأَوۡحَيۡنَآ إِلَىٰ مُوسَىٰٓ أَنِ ٱضۡرِب بِّعَصَاكَ ٱلۡبَحۡرَۖ فَٱنفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرۡقٖ كَٱلطَّوۡدِ ٱلۡعَظِيمِ} (63)

فلما صار موسى إلى البحر أوحى الله عز وجل إليه ، { فأوحينا إلى موسى أن اضرب بعصاك البحر } فجاءه جبريل ، عليه السلام : فقال : اضرب بعصاك البحر ، فضربه بعصاه في أربع ساعات من النهار ، { فانفلق } البحر فانشق الماء اثنى عشر طريقا يابسا ، كل طريق طوله فرسخان وعرضه فرسخان ، وقام الماء عن يمين الماء ، وعن يساره ، كالجبل العظيم ، فذلك قوله عز وجل : { فكان كل فريق كالطود العظيم } آية ، يعنى كالجبلين المقابلين كل واحد منهما على الآخر ، وفيهما كوى من طريق إلى طريق لينظر بعضهم إلى بعض إذا ساروا فيه ليكون آنس لهم إذا نظر بعضهم إلى بعض ، فسلك كل سبط من بني إسرائيل في طريق لا يخالطهم أحد من غيرهم ، وكانوا اثنى عشر سبطا ، فساروا في اثنى عشر طريقا فقطعوا البحر ، وهو نهر النيل بين أيلة ، ومصر ، نصف النهار في ست ساعات من النهار يوم الاثنين ، وهو يوم العاشر من المحرم ، فصام موسى ، عليه السلام ، يوم العاشر شكرا لله عز وجل حين أنجاه الله عز وجل ، وأغرق عدوه فرعون ، فمن ثم تصومه اليهود ، وسار فرعون وقومه في تمام ثمانية ساعات ، فلما توسطوا البحر تفرقت الطرق عليهم ، فأغرقهم الله عز وجل أجمعين .

فذلك قوله تعالى : { وأزلفنا ثم الآخرين }