تفسير مقاتل بن سليمان - مقاتل  
{وَأَنِ ٱحۡكُم بَيۡنَهُم بِمَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ وَلَا تَتَّبِعۡ أَهۡوَآءَهُمۡ وَٱحۡذَرۡهُمۡ أَن يَفۡتِنُوكَ عَنۢ بَعۡضِ مَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ إِلَيۡكَۖ فَإِن تَوَلَّوۡاْ فَٱعۡلَمۡ أَنَّمَا يُرِيدُ ٱللَّهُ أَن يُصِيبَهُم بِبَعۡضِ ذُنُوبِهِمۡۗ وَإِنَّ كَثِيرٗا مِّنَ ٱلنَّاسِ لَفَٰسِقُونَ} (49)

قوله سبحانه : { وأن احكم بينهم بما أنزل الله } إليك في الكتاب ، يعني بين اليهود ، وذلك أن قوما من رءوس اليهود من أهل النصير اختلفوا ، فقال بعضهم لبعض : انطلقوا بنا إلى محمد لعلنا نفتنه ونرده عما هو عليه ، فإنما هو بشر إذن فيستمع ، فأتوه فقالوا له : هل لك أن تحكم لنا على أصحابنا أهل قريظة في أمر الدماء كما كنا عليه من قبل ، فإن فعلت ، فإنا نبايعك ونطيعك ، وإنا إذا بايعناك تابعك أهل الكتاب كلهم ، لأنا سادتهم وأحبارهم ، فنحن نفتنهم ونزلهم عما هم عليه حتى يدخلوا في دينك .

فأنزل الله عز وجل يحذر نبيه صلى الله عليه وسلم ، فقال : { ولا تتبع أهواءهم } في أمر الدماء ، { واحذرهم أن يفتنوك } ، يعني أن يصدوك ، { عن بعض ما أنزل الله إليك } من أمر الدماء بالسوية ، { فإن تولوا } ، يقول : فإن أبوا حكمك ، { فاعلم أنما يريد الله أن يصيبهم } ، يعني أن يعذبهم في الدنيا بالقتل والجلاء من المدينة إلى الشام ، { ببعض ذنوبهم } ، يعني ببعض الدماء التي كانت بينهم من قبل أن يبعث محمد صلى الله عليه وسلم ، { وإن كثيرا من الناس } ، يعني رءوس اليهود ، { لفاسقون } ، يعني لعاصون حين كرهوا حكم النبي صلى الله عليه وسلم في أمر الدماء بالحق .

فقال كعب بن الأشرف ، ومالك بن الضيف ، وكعب بن أسيد ، للنبي صلى الله عليه وسلم : لا نرضى بحكمك ، فأنزل الله عز وجل : { أفحكم الجاهلية يبغون }