الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{وَأَنِ ٱحۡكُم بَيۡنَهُم بِمَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ وَلَا تَتَّبِعۡ أَهۡوَآءَهُمۡ وَٱحۡذَرۡهُمۡ أَن يَفۡتِنُوكَ عَنۢ بَعۡضِ مَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ إِلَيۡكَۖ فَإِن تَوَلَّوۡاْ فَٱعۡلَمۡ أَنَّمَا يُرِيدُ ٱللَّهُ أَن يُصِيبَهُم بِبَعۡضِ ذُنُوبِهِمۡۗ وَإِنَّ كَثِيرٗا مِّنَ ٱلنَّاسِ لَفَٰسِقُونَ} (49)

قوله : ( وَأَنُ احْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلاَ تَتَّبِعَ اَهْوَاءَهُمْ )( {[16776]} ) الآية [ 51 ] .

هذا معطوف على ( الحَقِّ )( {[16777]} ) أي : وأنزلنا إليك الكتاب بالحق وبأن احكم بينهم( {[16778]} ) . وهذا –عند جماعة- ناسخ للتخبير الذي تقدم في الحكم بينهم ، أمره الله( {[16779]} ) بالحكم بينهم وأن لا يتبع( {[16780]} ) أهواءهم في الأحكام التي قد أحدثوها في القتيل من بني النضير ومن قريظة ، وفي التحميم( {[16781]} ) الذي جعلوه على المحصن من عند أنفسهم( {[16782]} ) ، حذّره( {[16783]} ) منهم أن يفتنوه عن الحكم الذي أنزل الله فيردوه إلى [ حكمهم ]( {[16784]} ) .

( فَإِن تَوَلَّوْا ) أي : أعرضوا عن الاحتكام إليك والرضا بحكمِك( {[16785]} ) ، فاعلم أن ذلك إنما هو من( {[16786]} ) الله ليعجل لهم عقوبة ذنوبهم السالفة في عاجل الدنيا( {[16787]} ) .

( وَإِنَّ كَثِيراً مِّنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ ) يريد به اليهود ، إنهم لتاركون العمل( {[16788]} ) بكتاب الله وخارجون من طاعته : ذكر ابن عباس أن بعض علماء اليهود( {[16789]} ) قالوا : امضوا بنا إلى محمد لعلنا( {[16790]} ) نفتنه عن دينه ، فأتوه ، فقالوا : قد علمت أننا علماء يهود وأشرافها ، وإنا إذا اتَّبعْناك [ اتّبَعَنا ]( {[16791]} ) يهود ، فنؤمن بك كلنا ، وبيننا وبين قوم خصومة ، فنحاكمهم( {[16792]} ) إليك ، فتقضي( {[16793]} ) لنا عليهم ، ونؤمن بك ونصدقك . فأبى ذلك النبي صلى الله عليه وسلم ، فأنزل الله : ( وَأَنُ احْكُمْ بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ وَلاَ تَتَّبِعَ اَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمُ أَنْ يَّفْتِنُوكَ ) الآية( {[16794]} ) .

قال ابن زيد : معنى ( أَنْ يَّفْتِنُوكَ ) : أن يقولوا لك كذا( {[16795]} ) وكذا في التوراة بخلاف ما فيها ، قد بين الله له ما في التوراة ، فقال : ( وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ ) الآية( {[16796]} ) ، يعني( {[16797]} ) : كتب( {[16798]} ) ذلك في التوراة( {[16799]} ) .


[16776]:- ساقطة من ج د.
[16777]:- وهي في الآية السابقة.
[16778]:- انظر: تفسير الطبري 10/392، وإعراب ابن الأنباري 1/295، وإعراب العكبري 442.
[16779]:- ب د: امر.
[16780]:- د: تتبع.
[16781]:- ج: الميم.
[16782]:- وهو قول عكرمة والحسن ومجاهد وقتادة وعمر ابن عبد العزيز والزهري والسعي في تفسير الطبري 10/330 وما بعدها.
[16783]:- ب: حذروه.
[16784]:- أ: حكيم. وانظر: تفسير الطبري 10/392، والحديث عن النسخ في تفسير الآية 45 من المائدة.
[16785]:- د: بحمك.
[16786]:- ج د: من عند.
[16787]:- انظر: تفسير الطبري 10/392 و393.
[16788]:- ب: العقل.
[16789]:- وهم "كعب بن أسد وابن صوريا وشأس بن قيس" في تفسير الطبري 10/393، وأسباب النزول 132.
[16790]:- ج د: لعله.
[16791]:- أ: اتبعتك. ب: اتبعننا.
[16792]:- ب: فنحامهم.
[16793]:- ب ج: فتقض. د: فلتقض.
[16794]:- انظر: تفسير الطبري 10/393، وأسباب النزول 132.
[16795]:- د: ك ذ.
[16796]:- المائدة: 47.
[16797]:- ب ج د: بمعنى.
[16798]:- ب: كنت.
[16799]:- انظر: تفسير الطبري 10/393 و394.