{ وَأَنِ احكم بَيْنَهُمْ بِمَا أَنزَلَ الله وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ } عطف على الكتاب ، أي أنزلنا إليك الكتابَ والحُكْمَ بما فيه ، والتعرُّضُ لعنوان إنزاله تعالى إياه لتأكيد وجوب الامتثال بالأمر ، أو على الحق أي أنزلناه بالحق وبأن احكم ، وحكايةُ إنزال الأمر بهذا الحكم بعد ما مر من الأمر الصريح بذلك تأكيد له وتمهيدٌ لما يعقُبه من قوله تعالى : { واحذرهم أَن يَفْتِنُوكَ عَن بَعْضِ مَا أَنزَلَ الله إِلَيْكَ } أي يصرِفونك عن بعضه ولو كان أقلَّ قليلٍ بتصوير الباطل بصورة الحق ، وإظهارُ الاسم الجليل لتأكيدِ الأمر بتهويل الخطب ، و( أن ) بصلته بدلُ اشتمالٍ من ضمير ( هم ) أي احذر فتنتهم ، أو مفعول له أي احذرهم مخافة أن يفتنوك ، وإعادة ما أنزل الله لتأكيد التحذير بتهويل الخطب . رُوي ( أن أحبارَ اليهود قالوا : اذهبوا بنا إلى محمد فلعلنا نفتِنُه عن دينه ، فذهبوا إليه صلى الله عليه وسلم وقالوا : يا أبا القاسم قد عرفت أنّا أحبارُ اليهود وأنّا إن اتبعناك اتبعنا اليهودُ كلهم ، وإن بيننا وبين قومنا خصومةً فنتحاكم إليك فتقضي لنا عليهم ونحن نؤمن بك ونصدقك ، فأبى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم فنزلت ) { فَإِن تَوَلَّوْا } أي أعرَضوا عن الحكم بما أنزل الله تعالى وأرادوا غيره { فاعلم أَنَّمَا يُرِيدُ الله أَن يُصِيبَهُم بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ } أي بذنب تولِّيهم عن حكم الله عز وجل ، وإنما عبر بذلك إيذاناً بأن لهم ذنوباً كثيرة ، هذا مع كمال عَظَمةِ واحدٍ من جملتها ، وفي هذا الإبهام تعظيمٌ للتولِّي كما في قول لبيد : [ الكامل ]
[ ترَّكُ أمكنة إذا لم أرضها ] *** أو يرتبطْ بعضَ النفوس حِمامُها{[170]}
يريد به نفسه أي نفساً كبيرة ونفساً أيَّ نفس { وَإِنَّ كَثِيراً منَ الناس لفاسقون } أي متمردون في الكفر مصرُّون عليه خارجون عن الحدود المعهودة وهو اعتراض تذييليٌّ مقررٌ لمضمون ما قبله .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.