تفسير الأعقم - الأعقم  
{وَأَنِ ٱحۡكُم بَيۡنَهُم بِمَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ وَلَا تَتَّبِعۡ أَهۡوَآءَهُمۡ وَٱحۡذَرۡهُمۡ أَن يَفۡتِنُوكَ عَنۢ بَعۡضِ مَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ إِلَيۡكَۖ فَإِن تَوَلَّوۡاْ فَٱعۡلَمۡ أَنَّمَا يُرِيدُ ٱللَّهُ أَن يُصِيبَهُم بِبَعۡضِ ذُنُوبِهِمۡۗ وَإِنَّ كَثِيرٗا مِّنَ ٱلنَّاسِ لَفَٰسِقُونَ} (49)

{ فاحكم بينهم بما أنزل الله } يعني في القرآن { ولا تتبع أهواءهم عما جاءك من الحق } متبعاً أهواءهم { لكل جعلنا منكم } أيها الناس { شرعة } أي شريعة { ومنهاجاً } طريقاً واضحاً في الدين يجوزون عليه ، وقيل : أن هذا دليل على أنا غير متعبدين بشرائع من قبلنا ، وقيل : المنهاج السنة { ولو شاء الله لجعلكم أمة واحدة } جماعية متفقة على شريعة واحدة أو ذوي أمة واحدة و ذوي دين واحد لا اختلاف فيه { ولكن ليبلوكم } أي ليختبركم { فيما آتاكم } على جنب الأحوال والأوقات فيما آتاكم من الكتب وبيَّن لكم من الملك { فاستبقوا الخيرات } أي فبادروا بالطاعات وتسارعوا إلى الأعمال الصالحات { إلى الله مرجعكم } قال جار الله : هذا استئناف في معنى التعليل لاستباق الخيرات { فينبئكم } أي يخبركم بما لا تشكون معه من الخبر الفاصل بين محقكم ومبطلكم وعاملكم ومفرطكم في العمل ، قوله تعالى : { وأن احكم بينهم بما أنزل الله } الآية نزلت في اليهود وذلك أن كعب بن الأشرف وعبد الله بن صوريا وحيي بن أخطب وجماعة منهم قالوا : اذهبوا بنا إلى محمد لنفتنه عن دينه ، فقالوا : يا محمد قد عرفت أنَّا أحبار اليهود ، وأنَّا إن اتبعناك اتبعك اليهود كلهم ولم يخالفونا ، وإن بيننا وبين أصحابك خصومة فنتحاكم إليك فتقضي لنا عليهم ونحن نؤمن بك ونصدقك ، فأبى ذلك رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فنزلت الآية ، وقوله : { واحذرهم أن يفتنوك } يعني هؤلاء المتقدم ذكرهم أن يضلوك ، وقيل : يصدوك عن الحكم ، وقيل : يضلوك بالكذب على التوراة بما ليس فيها ، وقيل : واحذرهم أن يزلوك عن بعض أحكام الله تعالى { فإن تولوا } أعرضوا عن الايمان والحكم بالقرآن ولم يقبلوا { فاعلم إنما يريد الله أن يصيبهم ببعض ذنوبهم } قال جار الله : بذنب التولي عن حكم الله تعالى ، وقيل : يعاقبهم ببعض إجرامهم { وإن كثيراً من الناس لفاسقون } لخارجون عن أمر الله تعالى