فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{وَأَنِ ٱحۡكُم بَيۡنَهُم بِمَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ وَلَا تَتَّبِعۡ أَهۡوَآءَهُمۡ وَٱحۡذَرۡهُمۡ أَن يَفۡتِنُوكَ عَنۢ بَعۡضِ مَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ إِلَيۡكَۖ فَإِن تَوَلَّوۡاْ فَٱعۡلَمۡ أَنَّمَا يُرِيدُ ٱللَّهُ أَن يُصِيبَهُم بِبَعۡضِ ذُنُوبِهِمۡۗ وَإِنَّ كَثِيرٗا مِّنَ ٱلنَّاسِ لَفَٰسِقُونَ} (49)

قوله : { وَأَنِ احكم بَيْنَهُمْ بِمَا أَنزَلَ الله وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ } عطف على الكتاب : أي أنزلنا عليك الكتاب والحكم بما فيه . وقد استدلّ بهذا على نسخ التخيير المتقدّم في قوله : { أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ } وقد تقدم تفسير { وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ } . قوله : { واحذرهم أَن يَفْتِنُوكَ عَن بَعْضِ مَا أَنزَلَ الله إِلَيْكَ } أي : يضلوك عنه ويصرفوك بسبب أهوائهم التي يريدون منك أن تعمل عليها وتؤثرها { فَإِن تَوَلَّوْاْ فاعلم أَنَّمَا يُرِيدُ الله أَن يُصِيبَهُم بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ } أي إن أعرضوا عن قبول حكمك بما أنزل الله عليك ، فذلك لما أراده الله من تعذيبهم ببعض ذنوبهم وهو ذنب التولي عنك ، والإعراض عما جئت به { وَإِنَّ كَثِيراً مّنَ الناس لفاسقون } متمرّدون عن قبول الحق خارجون عن الإنصاف .

/خ50