غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{قَالَ يَٰقَوۡمِ أَرَءَيۡتُمۡ إِن كُنتُ عَلَىٰ بَيِّنَةٖ مِّن رَّبِّي وَرَزَقَنِي مِنۡهُ رِزۡقًا حَسَنٗاۚ وَمَآ أُرِيدُ أَنۡ أُخَالِفَكُمۡ إِلَىٰ مَآ أَنۡهَىٰكُمۡ عَنۡهُۚ إِنۡ أُرِيدُ إِلَّا ٱلۡإِصۡلَٰحَ مَا ٱسۡتَطَعۡتُۚ وَمَا تَوۡفِيقِيٓ إِلَّا بِٱللَّهِۚ عَلَيۡهِ تَوَكَّلۡتُ وَإِلَيۡهِ أُنِيبُ} (88)

84

والمعنى أرأيتم إن كنت على حجة واضحة ويقين من ربي وقد آتاني بعد هذه السعادات الروحانية السعادات الدنيوية من الخيرات والمنافع الجليلة هل يسعني مع هذه الإكرامات أن أخون في وحيه ولا آمركم بترك الشرك وبفعل الطاعة والأنبياء لا يبعثون إلا لذلك ؟ { وما أريد أن أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه } يقال : خالفني فلان إلى كذا إذا قصده وأنت مول عنه . فالمعنى لا أجعل فعلي مخالفاً لقولي فلا أسبقكم إلى شهواتكم التي نهيتكم عنها { إن أريد إلا الإصلاح } إلا أن أصلحكم بالموعظة والنصيحة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر . { ما استطعت } ما للمدة ظرفاً للإصلاح أي مدة استطاعتي لإصلاحكم ، أو بدل من الإصلاح أي المقدار الذي استطعته منه ، أو المضاف محذوف أي إلا الإصلاح إصلاح ما استطعت ، أو مفعولاً للإصلاح فقد يعمل المصدر المعرف كقوله : ضعيف النكاية أعداءه . أي إلا أن أصلح ما استطعت إصلاحه من فاسدكم . ثم بين أن كل ما يأتي ويذر فوقوعه بتسهيل الله وتأييده فقال : { وما توفيقي إلا بالله } والتوفيق أن توافق إرادة العبد إرادة الله { عليه توكلت } أخصه بتفويض الأمور إليه لأنه مبدأ المبادىء { وإليه أنيب } لأنه المعاد الحقيقي وفي ضمنه تهديد وفي ضمنه تهديد للكفار وحسم لأطماعهم منه .

/خ102