جامع البيان في تفسير القرآن للإيجي - الإيجي محيي الدين  
{قَالَ يَٰقَوۡمِ أَرَءَيۡتُمۡ إِن كُنتُ عَلَىٰ بَيِّنَةٖ مِّن رَّبِّي وَرَزَقَنِي مِنۡهُ رِزۡقًا حَسَنٗاۚ وَمَآ أُرِيدُ أَنۡ أُخَالِفَكُمۡ إِلَىٰ مَآ أَنۡهَىٰكُمۡ عَنۡهُۚ إِنۡ أُرِيدُ إِلَّا ٱلۡإِصۡلَٰحَ مَا ٱسۡتَطَعۡتُۚ وَمَا تَوۡفِيقِيٓ إِلَّا بِٱللَّهِۚ عَلَيۡهِ تَوَكَّلۡتُ وَإِلَيۡهِ أُنِيبُ} (88)

{ قالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِن كُنتُ عَلَىَ بَيِّنَةٍ } حجة وبصيرة ، { مِّن رَّبِّي وَرَزَقَنِي مِنْهُ } من الله بلا كد مني ، { رِزْقًا حَسَنًا{[2318]} } ، حلالا وكان عليه السلام كثير المال ، أو أراد من الرزق الحسن العلم والمعرفة وجواب الشرط محذوف ، أي : فهل يجوز لي الخيانة في الوحي والمخالفة في أمره ونهيه ، { وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ{[2319]} إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ } ما أريد أن أسبقكم إلى شهواتكم التي نهيتكم عنها لأستقل بها دونكم ، { إِنْ أُرِيدُ } فيما آمركم وأنهاكم ، { إِلاَّ الإِصْلاَحَ } أي : إصلاحكم ، { مَا اسْتَطَعْتُ } أي : ما دمت أستطيع الإصلاح فما صدرية واقعة موقع الظرف أو إصلاح ما استطعته فالموصولة مفعول الإصلاح ، ولا يبعد أن يكو معناه ما قصدت إلى ما نهيتكم عنه مجرد مخالفتكم ؛ بل الإصلاح قصدي وهو الباعث إلى النهي ، { وَمَا تَوْفِيقِي } لإصابة الحق ، { إِلاَّ بِاللّهِ } بإعانته ، { عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ } فإنه القادر المطلق ، { وَإِلَيْهِ أُنِيبُ } في المعاد أو فيما ينزل علي من المصائب .


[2318]:يعني: هل يسعني مع هذه النعمة أن أخون في وحيه؟ وهذا الجواب شديد المطابقة بقولهم: "إنك أنت الحليم الرشيد"، أي: كيف يليق بالحليم الرشيد أن يخالف أمر ربه و له عليه نعم كثيرة/12 فتح.
[2319]:يقال: خلفني فلان إلى كذا إذا قصد وأنت مول عنه و خالفني عنه إذا ولى عنه وأنت قاصده/ 12 منه.