ثم بين أن الإقرار والإنكار مستندان إلى مشيئته وتقديره فقال :{ ومن يهد الله } الآية . وقد مر خلاف المتكلمين من الأشاعرة والمعتزلة في مثله في آخر " الأعراف " وغيره . وقوه : { فهو المهتد } حمل على اللفظ وقوله : { فلن تجد } حمل على المعنى . والخطاب في { لن تجد } إما للنبي أو لكل من يستحق الخطاب . والأولياء الأنصار ، والحشر على الوجوه إما بمعنى السحب عليها كقوله : { يوم يسحبون في النار على وجوههم } [ القمر : 48 ] وإما بمعنى المشي عليها كما روي أنه صلى الله عليه وسلم سئل عن ذلك فقال : " إن الذي أمشاهم على أقدامهم قادر على أن يمشيهم على وجوههم " وقيل لابن عباس : قد أخبر الله تعالى عنهم بأنهم يرون وينطقون ويسمعون حيث قال : { رأى المجرمون النار } { دعوا هنالك ثبوراً } { سمعوا لها } الجمع بين ذاك تغيظاً وزفيراً فكيف وبين قوله : { عمياً وبكماً وصماً } ؟ فأجاب بأنهم لا يرون ما يسرهم ، ولا ينطقون بحجة تقبل منهم ، ولا يسمعون ما يلذ مسامعهم .
وفي رواية عطاء أنهم عمي عن النظر إلى ما جعله الله لأوليائه ، بكم عن مخاطبة الله ، ومخاطبة الملائكة المقربين ، صم عن ثناء الله على أوليائه ، وقال مقاتل : هذه الأحوال بعد قوله تعالى لهم : { اخسئووا فيها ولا تكلمون } [ المؤمنون : 108 ] أو بعد أن يحاسبوا فيذهب بهم إلى النار . وإنما جعلوا مؤوفي الحواس جزاء على ما كانوا عليه في الدنيا من التعامي والتصامم عن الحق ومن عدم النطق به { كلما خبت } أي سكن لهبها . خبت النار تخبوا خبواً وأخباها غيرها أي أخمدها { زدناهم سعيراً } قال ابن قتيبة : أي تسعراً وهو التهلب . ولا ريب أن خبو النار تخفيف لأهليها فكيف يجمع بينه وبين قوله : { لا يخفف عنهم العذاب } [ البقرة : 162 ] وأجيب بأنه يحصل لهم في الحال الأولى خوف حصول الحالة الثانية فيستمر العذاب ، أو يقال : لما عظم العذاب صار التفاوت الحاصل في الوقتين غير مشعور به ، ويحتمل أن يقال : المراد بعدم التخفيف أنه لا يتخلل زمان محسوس أو معتد به بين الخبو والتعسر .وقال في الكشاف : لأنهم لما كذبوا بالإعادة بعد الإفناء جعل الله جزاءهم أن سلط النار على أجرامهم تأكلها وتفنيها . ثم يعيدها . وفيه زيادة في تحسرهم وفي الانتقام منهم . ومما يدل على هذا التفسير قوله : { ذلك جزاؤهم } الآية .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.