غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{وَلَقَدۡ ءَاتَيۡنَا مُوسَىٰ تِسۡعَ ءَايَٰتِۭ بَيِّنَٰتٖۖ فَسۡـَٔلۡ بَنِيٓ إِسۡرَـٰٓءِيلَ إِذۡ جَآءَهُمۡ فَقَالَ لَهُۥ فِرۡعَوۡنُ إِنِّي لَأَظُنُّكَ يَٰمُوسَىٰ مَسۡحُورٗا} (101)

90

ثم قال : { ولقد آتينا موسى تسع آيات } فكأنه أراد أنا آتيناه معجزات مساوية لهذه الأمور التي اقترحتموها بل أقوى منها وأعظم ، فليس عدم الاستجابة إلى ما طلبتموه من البخل ولكن لعدم المصلحة أو لعدم استتباع الغاية لعلمنا بإصراركم والختم على قلوبكم ، عن ابن عباس : أن الآيات التسع هن : العصا واليد والجراد والقمل والضفادع والدم والحجر والبحر والطور الذي نتقه على بني إسرائيل . وعن الحسن : الطوفان والسنون ونقص الثمرات . مكان الحجر والبحر والطور . وعن عمر بن عبد العزيز أنه سأل محمد بن كعب عنهن فذكر من جملتها : حل عقدة اللسان والطمس على أموالهم . فقال له عمر : لا يكون الفقيه إلا هكذا . أخرج يا غلام الجراب فأخرجه فنفضه فإذا بيض مكسور بنصفين وجوز مكسور وفوم وحمص وعدس كلها حجارة . وعن صفوان بن عسال أن بعض اليهود سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال : " أوحى الله إلى موسى أن قل لبني إسرائيل : لا تشركوا بالله شيئاً ولا تسرقوا ولا تزنوا ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا تسحروا ولا تأكلوا الربا ولا تفشوا سر أحد إلى ذي سلطان ليقتله ولا تقذفوا محصنة ولا تفروا من الزحف ، وأنتم يا يهود خاصة لا تعدوا في السبت ، فقام اليهوديان فقبلا يديه ورجليه وقالا : " إنك نبي ولولا أنا نخاف القتل لاتبعناك " قال الإمام فخر الدين الرازي : هو أجود ما قيل في الآيات التسع . وأقول : عد الأحكام من الآيات البينات فيه بعد ، اللَّهم إلا أن يقال : النهي عن مساوىء الأخلاق والعادات من جملة علامات النبوة . قال بعد العلماء : أجابهم النبي صلى الله عليه وسلم بتسع وزاد واحدة تختص بهم . وروى أبو داود هذا الحديث ولم يذكر : " ولا تقذفوا محصنة " وشك شعبة في أنه صلى الله عليه وسلم : " ولا تقذفوا محصنة " أو قال : " تولوا الفرار " وقيل : إنه كان لموسى آيات أخر كإنزال المن والسلوى عليه وعلى قومه ، وكالآيات التي عدها بعضهم من التسع وتركها بعضهم . إلا أن تخصيص العدد بالذكر لا يقدح في الزيادة عليه . هكذا قال الأصوليون ، ولكن الذوق يأبى أن لا يكون للتخصيص فائدة .

والذي يدور في خلدي أن سبب التخصيص هو أن مرجع جميع معجزاته إلى تسع أنواع كلمتين ونقص الثمرات مثلاً فإنهما نوع واحد وهو القحط وقد يعسر إبداء ما به الاشتراك ولكن لا بد عندي من اعتقاد الانحصار في التسع لأجل خبر الصادق . أما قوله : { فاسأل بني إسرائيل } فالخطاب فيه للنبي صلى الله عليه وسلم والسؤال سؤال استشهاد لمزيد الطمأنينة والإيقان ، لأن الأدلة إذا تظاهرت كان ذلك أقوى وأثبت . والمسؤولون مؤمنو بني إسرائيل كعبد الله بن سلام وأصحابه . وقوله : { إذا جاءهم } يتعلق ب { آتينا } . وينتصب بإضمار " اذكر " ، أو هو للتعليل . والمراد فاسألهم يخبروك لأنه جاءهم أي جاء أباهم . ويحتمل أن يكون الخطاب لموسى بتقدير القول أي فقلنا له حين جاءهم سل بني إسرائيل أي سلهم من فرعون وقل له أرسل معي بني إسرائيل ، أو سلهم عن إيمانهم وعن حال دينهم أو سلهم عن أن يعاضدوك ويساعدوك في الأمور والمسحور الذي سحر فخولط عقله . وقيل : هو بمعنى الساحر كالمشؤوم والميمون قاله الفراء . وعن محمد بن جرير الطبري أن معناه أعطى علم السحر .

/خ111