غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{فَٱنطَلَقَا حَتَّىٰٓ إِذَا لَقِيَا غُلَٰمٗا فَقَتَلَهُۥ قَالَ أَقَتَلۡتَ نَفۡسٗا زَكِيَّةَۢ بِغَيۡرِ نَفۡسٖ لَّقَدۡ جِئۡتَ شَيۡـٔٗا نُّكۡرٗا} (74)

60

وإنما قال في هذه القصة { خرقها } بغير " فاء " لأنه جعله جزاء للشرط ، وفي قصة الغلام جعل { فقتله } من جملة الشرط معطوفاً عليه بفاء التعقيب ، لأن القتل يعقب لقاء الغلام ولفظ الغلام يتناول الشاب البالغ كما يتناول الصغير ومنه قولهم " رأي الشيخ خير من مشهد الغلام " وأصله من الاغتلام وهو شدة الشبق . وليس في القرآن أنهما كيف لقياه ، وهل كان يلعب مع جمع من الغلمان ، أو كان منفرداً ، وهل كان مسلماً أو كان كافراً ، وهل كان بالغاً أو كان صغيراً واسم الغلام بالصغير أليق ، إلا أن { بغير نفس } بالبالغ لأن الصبي لا يقتل قصاصاً . وعن ابن عباس أن نجدة الحروري الخارجي كتب إليه كيف جاز قتله وقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قتل الولدان ؟ فكتب إليه إن علمت من حال الولدان ما علمه عالم موسى فلك أن تقتل . قال الكسائي : الزاكية والزكية لغتان ومعناهما الطاهرة . وقال أبو عمرو : الزاكية التي لم تذنب ، والزكية التي أذنبت ثم تابت . ويجوز أن يكون وصفها بالزكاء لأنه لم يرها أذنبت فهي طاهرة عنده . قيل : النكر أقل من الأمر لأن قتل نفس واحدة أهو من إغراق أهل السفينة . وقيل : النكر أشد لأن ذلك كان خرقاً تداركه بالسد وهذا لا سبيل إلى تداركه . وأيضاً الأمر العجيب والعجب يستعمل في الخير والشر . والنكر ما تنكره العقول فهو شر ، وظاهر الآية يدل على أن موسى استبعد أن تقتل النفس إلا بالنفس وليس كذلك لأنه قد يحل القتل بسائر الأسباب ، ولعله اعتبر السبب الأغلب والأقوى واختلفوا في كيفية قتله فقيل : فتل عنقه . وقيل : ضرب برأسه الحائط . وعن سعيد بن جبير : أضجعه ثم ذبحه بالسكين .

/خ82