غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{قَالَتۡ أَنَّىٰ يَكُونُ لِي غُلَٰمٞ وَلَمۡ يَمۡسَسۡنِي بَشَرٞ وَلَمۡ أَكُ بَغِيّٗا} (20)

16

{ قالت } استغراباً من حيث العادة لا تشكيكاً في قدرة الله { أنى يكون لي غلام } ولم تقل ههنا " رب " إما لأنها تخاطب جبرائيل ، وإما اكتفاء بما سلف في آل عمران { ولم يمسسني بشر ولم أك بغيا } هي الفاجرة التي تبغي الرجال . عن المبرد أن أصله يغوى على " فعول " قلبت الواو ياء ثم أدغمت في الياء وكسرت الغين للمناسبة . وعن ابن جنى أنه " فعيل " وإلا لقيل بغو كنهو عن المنكر خصصت بعدما عممت لزيادة الاعتبار بهذا الخزي تبرئة لساحتها عن الفحشاء . ولما جرى في أول القصة من تمثل جبرائيل لها بصورة البشر حتى ظنت أنه يريدها بسوء فاستعاذت بالرحمن منه بخلاف هذه القصة في آل عمران . فإنها بنيت على الأمن والبشارة بقوله :

{ وإذ قالت الملائكة يا مريم إن الله يبشرك } [ آل عمران : 45 ] فلم تحتج إلى هذه الزيادة . وقال جار الله : المس عبارة عن النكاح الحلال لأنه كناية عنه في قوله : { من قبل أن تمسوهن } [ البقرة : 237 ] { أو لمستم النساء } [ النساء : 43 ] وإنما يقال في الزنا " فجر بها " و " خبث بها " ونحو ذلك ولا يليق به الكنايات والآداب . قلت لو سلم هذا من حيث اللغة إلا أنه لا بد لزيادة قوله : { ولم أك بغياً } في هذا المقام من فائدة وقد عرفت ما سنح لنا والله أعلم .

/خ40