غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{فَأَجَآءَهَا ٱلۡمَخَاضُ إِلَىٰ جِذۡعِ ٱلنَّخۡلَةِ قَالَتۡ يَٰلَيۡتَنِي مِتُّ قَبۡلَ هَٰذَا وَكُنتُ نَسۡيٗا مَّنسِيّٗا} (23)

16

و{ المخاض } بفتح الميم وجع الولادة . قال الجوهري : مخضت الناقة بالكسر مخاضاً مثل سمع سماعاً . قيل : طلبت الجذع لتستتر به وتعتمد عليه عند الولادة . يروى أنه كان جذعاً لنخلة يابسة في الصحراء ليس لها رأس ولا ثمرة خضرة ، وكان الوقت شتاء والتعريف إما كتعريف النجم والصعق لكون ذلك الجذع مشهوراً هناك ، وإما للجنس أي جذع هذه الشجرة خاصة أرشدت إليها لتطعم منها الرطب الذي هو خرسة النفساء أي طعامها الموافق لها ، ولأن النخلة أقل الأشياء صبراً على البرد ولا تثمر إلا باللقاح فكان ظهور ذلك الرطب من ذلك الجذع في الشتاء من دون لقاح وإبار دليلاً على حصول الولد من غير ذكر قال في الكشاف : النسي اسم ما من حقه أن يطرح وينسى كخرقة الطامث ونحوها ، ونظير الذبح لما من شأنه أن يذبح . وعن يونس : أن العرب إذا ارتحلوا قالوا : انظروا أنساءكم يعنون العصا والقدح والشظاظ ونحوها . تمنت لو كانت شيئاً يعبأ به فحقه أن ينسى في العادة .

ومعنى { منسياً } أنه قد نسي وطرح فوجد فيه النسيان الذي هو حقه . وإنما تمنت ذلك لما لحقها من فرط الحياء والخجل ، أو لأنهم بهتوا وهي عارفة ببراءة ساحتها فشق ذلك عليها ، أو لخوفها على الناس أن يعصوا الله بسببها . ومن قرأ { نسياً } بالفتح فقد قال الفراء : هما لغتان كالوتر والوتر . ويجوز أن يكون تسمية بالمصدر كالحمل . وقرىء { نسأ } بالهمز وهو الحليب المخلوط بالماء ينسؤه أهله لقلته ونزارته .

/خ40