البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{قَالَتۡ أَنَّىٰ يَكُونُ لِي غُلَٰمٞ وَلَمۡ يَمۡسَسۡنِي بَشَرٞ وَلَمۡ أَكُ بَغِيّٗا} (20)

وتقدم الكلام على سؤالها عن الكيفية في آل عمران في قصتها وفي قولها { ولم أك بغياً } تخصيص بعد تعميم لأن مسيس البشر يكون بنكاح وبسفاح .

وقال الزمخشري : جعل المس عبارة عن النكاح الحلال لأنه كناية عنه لقوله { من قبل أن تمسوهنّ } أو لمستم النساء والزنا ليس كذلك إنما يقال فجر بها وخبث بها وما أشبه ذلك ، وليس بقمن أن يراعى فيه الكنايات والآداب انتهى .

والبغي المجاهرة المشتهرة في الزنا ، ووزنه فعول عند المبرد اجتمعت واو وياء وسبقت إحداهما بالسكون فقلبت الواو ياء وأدغمت في الياء وكسر ما قبلها لأجل الياء كما كسرت في عصي ودلي .

قيل : ولو كان فعيلاً لحقتها هاء التأنيث فيقال بغية .

وقال ابن جنيّ في كتاب التمام : هي فعيل ، ولو كانت فعولاً لقيل بغو كما قيل فلان نهو عن المنكر انتهى .

قيل : ولما كان هذا اللفظ خاصاً بالمؤنث لم يحتج إلى علامة التأنيث فصار كحائض وطالق ، وإنما يقال للرجل باغ .

وقيل : بغى فعيل بمعنى مفعول كعين كحيل أي مبغية بطلبها أمثالها .