إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{قَالَتۡ أَنَّىٰ يَكُونُ لِي غُلَٰمٞ وَلَمۡ يَمۡسَسۡنِي بَشَرٞ وَلَمۡ أَكُ بَغِيّٗا} (20)

{ قَالَتْ أنى يَكُونُ لي غلام } كما وصفت { وَلَمْ يمسسني بَشَرٌ } أي والحال أنه لم يباشرْني بالنكاح رجلٌ ، وإنما قيل بشرٌ مبالغةً في بيان تنزُّهها من مبادئ الولادة { وَلَمْ أَكُ بَغِيّاً } عطف على لم يمسَسْني داخلٌ معه في حكم الحالية مفصِحٌ عن كون المِساس عبارةً عن المباشرة بالنكاح أي ولم أكن فاجرةً تبغي الرجالَ ، وهي فَعولٌ بمعنى الفاعل أصلها بغُويٌ فأدغمت الواوُ بعد قلبها ياء في الياء وكسرت الغين للياء ، وقيل : هي فعيل بمعنى الفاعل ، وإلا لقيل : بَغُوٌّ كما يقال : فلان نَهُوٌّ عن المنكر ، وإنما لم تلحَقْه التاءُ لأنها من باب النسب كطالق أو بمعنى المفعول أي يبغيها الرجالُ للفجور بها .