ولقائل أن يمنع كون هذه الأخبار عند مقدم موسى عليه السلام بل لعله عند رجوعه بدليل فاء التعقيب في قوله : { فرجع موسى } قال جار الله إنه رجع بعدما استوفى الأربعين ذا القعدة وعشر ذي الحجة وأوتي التوراة . وسامري منسوب إلى قبيلة من بني إسرائيل يقال لها السامرة . وقيل : السامرة قوم من اليهود يخالفونهم في بعض دينهم . وقيل : كان علجاً من كرمان واسمه موسى بن ظفر وكان منافقاً وكان من قوم يعبدون البقر . قالت المعتزلة : الفتنة بمعنى الإضلال لا يجوز أن تنسب إلى الله تعالى لأنه يناقض قوله { وأضلهم السامري } وإنما الفتنة بمعنى الامتحان بتشديد التكليف ومنه " فتنت الذهب بالنار " وبيان ذلك أن السامريّ لما أخرج لهم العجل صاروا مكلفين بأن يستدلوا بحدوث جملة الأجسام على أن العجل لا يصلح للإلهية . وقالت الأشاعرة : الشبهة في كون الشمس والقمر إلهاً أعظم من العجل الذي له خوار وهو جسد من الذهب وحينئذ لا يكون حدوث ذلك العجل تشديداً في التكليف ، فلا يكون فتنة من هذا الوجه فوجب حمله على خلق الضلال فيهم . وأجابوا عن إضافة الضلال إلى السامري بن جميع المسببات العادية تضاف إلى أسبابها في الظاهر وإن كان الموجد لها في الحقيقة هو الله تعالى . قال بعضهم : الأسف المغتاظ ، وفرق بين الاغتياظ والغضب لأن الغيظ تغير يلحق المغتاظ فلا يصح إلا على الأجسام ، والغضب قد يراد به الإضرار بالمغضوب عليه فلهذا صح إطلاقه على الله سبحانه .
ثم عاتب موسى عليه السلام قومه بأمور منها : قوله { ألم يعدكم ربكم وعداً حسناً } كأنهم كانوا معترفين بالرب الأكبر لكنهم عبدوا العجل على التأويل الذي تذكر عبدة الأصنام أو على تأويل الحلول . والوعد الحسن هو إنزال التوراة التي فيها هدى ونور . وقيل : هو الثواب على الطاعات ومثله ما روي عن مجاهد أن العهد المذكور من قوله { ولا تطغوا فيه } إلى قوله { ثم اهتدى } وقيل : وعدهم إهلاك فرعون ووعدهم أرضهم وديارهم وقد فعل . ومنها قوله { أفطال عليكم العهد } أي الزمان يريد مدة مفارقته لهم وعدوه أن يقيموا على أمره وما تركهم عليه من الإيمان فاخلفوا موعده بعبادتهم العجل . وقيل : أراد عهدهم بنعم الله تعالى من الإنجاء وغيره . والأكثرون على الأول لما روي أنه وعدهم ثلاثين كما أمر الله تعالى { وواعدنا موسى ثلاثين ليلة } [ الأعراف : 142 ] فجاء بعد الأربعين لقوله تعالى { وأتممناها بعشر } ولما روي أنهم حسبوا العشرين أربعين ومنها قوله { أم أردتم أن يحل عليكم غضب ربكم } قالوا : هذا لا يمكن إجراؤه على الظاهر لأن أحداً لا يريد هلاك نفسه ولكن المعصية - وهو خلاف الموعد - لما كانت توجب ذلك صح هذا الكلام لأن مريد السبب مريد للمسبب بالعرض . احتج العلماء بالآية وبما مر من قوله { فيحل عليكم غضبي } أن الغضب من صفات الأفعال لا من صفات الذات لأن صفة ذات الله تعالى لا تنزل في شيء من الأجسام . وموعد موسى هو ما ذكرنا من أنهم وعدوه الإقامة على دينه إلى أن يرجع إليهم من الطور . وقيل : وعدوه اللحاق به والمجيء على أثره .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.