تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{فَرَجَعَ مُوسَىٰٓ إِلَىٰ قَوۡمِهِۦ غَضۡبَٰنَ أَسِفٗاۚ قَالَ يَٰقَوۡمِ أَلَمۡ يَعِدۡكُمۡ رَبُّكُمۡ وَعۡدًا حَسَنًاۚ أَفَطَالَ عَلَيۡكُمُ ٱلۡعَهۡدُ أَمۡ أَرَدتُّمۡ أَن يَحِلَّ عَلَيۡكُمۡ غَضَبٞ مِّن رَّبِّكُمۡ فَأَخۡلَفۡتُم مَّوۡعِدِي} (86)

الآية 86 : وقوله تعالى : { فرجع موسى إلى قومه غضبان آسفا } الأسف هو النهاية في الغضب والنهاية في الحزن . وهكذا جبل رسله ، وأنشأهم على نهاية الغضب لله والأسف له عند معاينتهم الخلاف لله والتكذيب له كقوله : { لعلك باخع نفسك } الآية [ الشعراء : 3 ] وقوله : { فلا تذهب نفسك عليهم حسرات } [ فاطر : 8 ] والله أعلم .

وقوله تعالى : { يا قوم ألم يعدكم ربكم وعدا حسنا } على تأويل الحسن { وعدا حسنا } هو الثواب الذي وعد لهم بالدين والسبيل [ حين ] {[12383]} . { قال هم أولاء على أثري } [ طه : 84 ] أي على ديني وسبيلي . وقال بعضهم : { وعدا حسنا } أي عدلا وصدقا حين{[12384]} وعد لهم أنه يرجع إليهم عند [ رأس ] {[12385]} أربعين أو ثلاثين ليلة على ما ذكر عز وجل { أفطال عليكم العهد } على تأويل الحسن { أفطال عليكم } عهد ما وعد لكم من دون الثواب والجزاء على دينه وسبيله حتى نسيتم ذلك . وعلى تأويل من قال : إن الوعد هو ما وعد أنه يرجع إليهم عند رأس كذا ؛ يقول : أفطال ذلك عليكم ؟ ومضى وعدي ؟ حتى فعلتم ما فعلتم .

وقوله تعالى : { أم أردتم أن يحل عليكم غضب من ربكم } أي أم تعمدتم الخلاف فيحل { عليكم غضب من ربكم فأخلفتم موعدي } يحتمل الموعد الوجهين الذين ذكرناهما في ما مضى .


[12383]:ساقطة من الأصل وم.
[12384]:في الأصل وم: حيث.
[12385]:ساقطة من الأصل.