الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري - الزمخشري  
{وَحَرَٰمٌ عَلَىٰ قَرۡيَةٍ أَهۡلَكۡنَٰهَآ أَنَّهُمۡ لَا يَرۡجِعُونَ} (95)

استعير الحرام للممتنع وجوده . ومنه قوله عز وجلّ : { إِنَّ الله حَرَّمَهُمَا عَلَى الكافرين } [ الأعراف : 50 ] أي منعهما منهم ، وأبى أن يكونا لهم . وقرىء : «حرم » و«حرم » ، بالفتح والكسر . وحرّم وحرّم . ومعنى { أهلكناها } عزمنا على إهلاكها . أو قدّرنا إهلاكها . ومعنى الرجوع : الرجوع من الكفر إلى الإسلام والإنابة ومجاز الآية : أن قوماً عزم الله على إهلاكهم غير متصوّر أن يرجعوا وينيبوا ، إلى أن تقوم القيامة فحينئذ يرجعون ويقولون : { ياويلنا قَدْ كُنَّا فِى غَفْلَةٍ مّنْ هذا بَلْ كُنَّا ظالمين } [ الأنبياء : 97 ] يعني : أنهم مطبوع على قلوبهم فلا يزالون على كفرهم ويموتون عليه حتى يروا العذاب . وقرىء : «إنهم » بالكسر . وحق هذا أن يتمّ الكلام قبله ، فلا بدّ من تقدير محذوف ، كأنه قيل : وحرام على قرية أهلكناها ذاك . وهو المذكور في الآية المتقدمة من العمل الصالح والسعي المشكور غير المكفور ، ثم علل فقيل : إنهم لا يرجعون عن الكفر ، فكيف لا يمتنع ذلك . والقراءة بالفتح يصح حملها على هذا ؟ أي : لأنهم لا يرجعون ولا صلة على الوجه الأوّل .