ومعنى الآية راجع إلى أن الناس لا يتركون بمجرد التلفظ بكلمة الإِيمان بل يؤمرون بأنواع التكاليف . واختلفوا في سبب نزولها فقيل : نزلت في عمار بن ياسر والوليد بن الوليد وسلمة بن هشام وكانوا يعذبون بمكة . وقيل : نزلت في أقوام هاجروا وتبعهم الكفار فاستشهد بعضهم ونجا الباقون . وقيل : في مهجع بن عبد الله مولى عمر بن الخطاب وهو أول قتيل من المسلمين ، رماه عامر بن الحضرمي يوم بدر فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : سيد الشهداء مهجع ، وهو أول من يدعى إلى باب الجنة من هذه الأمة . قال جار الله : مفعولا الحسبان الترك وعلته والتقدير : أحسبوا تركهم غير مفتونين لقولهم آمنا . قال : والترك بمعنى التصيير . فقوله { وهم لا يفتنون } حال سدّ مسدّ ثاني مفعوليه . وقال آخرون : تقديره أحسبوا أنفسهم متروكة غير مفتونين لأن { قالوا آمنا } وأقول : إن من خواص " أن " مع الفعل و " أن " مع جزأيه سدّها مسدّ مفعولي أفعال القلوب ، والحكم بأن الترك ههنا بمعنى التصيير غير لازم يؤيد ما ذكرناه من المعنيين قوله سبحانه في موضع آخر { أم حسبتم أن تتركوا } [ التوبة : 16 ] والفتنة الامتحان بشدائد التكليف من مفارقة الأوطان وكل ما يحب ويستلذ ، ومن ملاقاة الأعداء والمصابرة على أذاهم وسائر ما تكرهه النفس . والتحقيق أن المقصود من خلق البشر هو العبادة الخالصة لله . فإذا قال باللسان : آمنت فقد ادعى طاعة الله بالجنان فلابدّ له من شهود وهو الإتيان بالأركان ، وإذا حصل الشهود فلا بدلا له من مزك وهو بذل النفس والمال في سبيل الرحمن . فمعنى الآية : أحسبوا أن يقبل منهم دعواهم بلا شهود وشهود بلا مزك ؟ أو المراد أحسبوا أن يتركوا في أول المقامات لا بل ينقلون إلى أعلى الدرجات وهو مقام الإخلاص والقربات ؟
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.