غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{الٓمٓ} (1)

مقدمة السورة:

سورة العنكبوت وهي مكية حروفها أربعة آلاف وخمس مائة وخمسة وتسعون كلمها ألف وتسع مائة وواحد وثمانون آياتها تسعة وستون آية .

1

التفسير :

إنه سبحانه لما قال في خواتيم السور المتقدمة { إن الذي فرض عليك القرآن لرادّك إلى معاد } [ القصص : 85 ] أي إلى مكة ظاهراً ظافراً ، وكان في ذلك الرد من احتمال مشاق الحوادث ما كان قال بعده : { ألم أحسب الناس } إلى قوله { وهم لا يفتنون } بالجهاد أو نقول : لما أمر بالدعاء إلى الدين القويم في قوله { وادع إلى ربك }

[ القصص : 87 ] وكان دونه من المتاعب وأعباء الرسالة ما لا يخفى ، بدأ السورة بما يهوّن على النفس بعض ذلك . وأيضا لما بين أن كل هالك له رجوع إليه ، ردّ على منكري الحشر بأن الأمر ليس على ما حسبوه ولكنهم يكلفون في دار الدنيا ثم يرجعون إلى مقام الجزء والحساب . قال أهل البرهان : وقوع الاستفهام بعد " ألم " يدل على استقلالها وانقطاعها عما بعدها في هذه السورة وفي غيرها من السور .

وفي تصدير السورة بأمثال هذه الحروف تنبيه للمخاطب وإيقاظ له من سنة الغفلة كما يقدم لذلك كلام له معنى مفهوم كقول القائل : اسمع وكن لي . ولا يقدم إلا إذا كان في الحديث شأن وبالخطاب اهتمام ، ولهذا ورد بعد هذه الحروف ذكر الكتاب أو التنزيل أو القرآن الذي لا يخفى غناؤه والاهتمام بشأنه كقوله { الم ذلك الكتاب } [ البقرة : 1 ] { الم الله لا إله إلا هو الحي القيوم نزل عليك الكتاب } [ آل عمران : 12 ]

{ المص كتاب أنزل إليك } [ الأعراف : 13 ] { يس والقرآن } [ يس : 12 ]

{ ص والقرآن } [ ص : 1 ] { الم تنزيل الكتاب } [ السجدة : 12 ] إلا ثلاث سور : { كهيعص } [ مريم : 1 ] { الم أحسب الناس } { الم غلبت الروم } [ الروم : 12 ] ولا يخفى أن ما بعد حروف التهجي فيها من الأمور العظام التي يحق أن ينبه عليها بيانه في هذه السورة أن القرآن ثقله وعبؤه بما فيه من التكاليف ، وبيانه في سورة مريم ظاهر ، لأن خلق الولد فيما بين الشيخ الفاني والعجوز العاقر معجز . وكذا الإخبار عن غلبة الروم قبل وقوعها .

/خ15