غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{أَمۡ حَسِبَ ٱلَّذِينَ يَعۡمَلُونَ ٱلسَّيِّـَٔاتِ أَن يَسۡبِقُونَاۚ سَآءَ مَا يَحۡكُمُونَ} (4)

1

ثم بين بقوله { أم حسب الذين } الخ . أن من كلف بشيء ولم يمتثل عذب في الحال وإلا يعذب في الاستقبال نظيره قوله { ولا تحسبن الذين كفروا سبقوا } [ الأنفال : 59 ] والحاصل أن الإمهال لا يوجب الإهمال ، والتعجيل في جزاء الأعمال إنما يوجد ممن يخاف الفوت لولا الاستعجال . ومعنى الإضراب أن هذا الحسبان أشنع من الحسبان الأول ، لأن ذلك يقدر أنه لا يمتحن لإيمانه وهذا يظن أنه لا يجازى بمساويه ولهذا ختم الآية بقوله { ساء ما يحكمون } والمخصوص محذوف و " ما " موصولة أو مبهمة والتقدير : بئس الذي يحكمون حكمهم هذا ، وبئس حكماً يحكمونه حكمهم هذا . وفي الآية إبطال قول من ذهب إلى أن التكاليف إرشادات وإلا يعاد عليها ترغيب وترهيب ولا يوجب من الله تعذيب . واعلم أن أصول الدين ثلاثة : معرفة المبدأ وأشار إليه بقوله { آمنا } ، ومعرفة الوسط وهو إرسال الرسل . وإيضاح السبل وإليه أشار بقوله { وهم لا يفتنون ولقد فتنا } ومعرفة المعاد إما للأشقياء وهو قوله { الم أحسب } الآية وإما للسعداء وهو قوله { من كان يرجو } .

/خ15