اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{وَمَن جَٰهَدَ فَإِنَّمَا يُجَٰهِدُ لِنَفۡسِهِۦٓۚ إِنَّ ٱللَّهَ لَغَنِيٌّ عَنِ ٱلۡعَٰلَمِينَ} (6)

قوله : { وَمَن جَاهَدَ فَإِنَّمَا يُجَاهِدُ لِنَفْسِهِ } أي له ثوابه ، والجهاد هو الصبر على الشدة ، ويكون ذلك في الحرب ، وقد يكون على مخالفة النفس .

فإن قيل : هذه الآية على أن الجزاء على العمل واجب ، فإن قوله : { فإنما يجاهد لنفسه } يفهم منه أن من جاهد ربح بجهاده ما لولاه لما ربح .

فالجواب : هو كذلك ولكن بحكم الوعد لا بالاستحقاق .

فإن قيل : قوله «فإنما » يقتضي الحصر ، فيكون جهاد المرء لنفسه فقط ولا ينتفع به غيره وليس كذلك ، فإن من جاهد ينتفع به هو ، ومن يريد نفعه حتى إن الوالد والولد ببركة المجاهد وجهاده ينتفعون به .

فالجواب : أن ذلك نفع له ، فإن انتفاع الولد انتفاع للأب ، والحصر هنا معناه أن جهاده لا يصل إلى الله منه نفع ، ويدل عليه قوله : { إِنَّ الله لَغَنِيٌّ عَنِ العالمين }{[41059]} أي عن أعمالهم وعبادتهم .


[41059]:الرازي 25/32.