غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{وَلَا تَدۡعُ مَعَ ٱللَّهِ إِلَٰهًا ءَاخَرَۘ لَآ إِلَٰهَ إِلَّا هُوَۚ كُلُّ شَيۡءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجۡهَهُۥۚ لَهُ ٱلۡحُكۡمُ وَإِلَيۡهِ تُرۡجَعُونَ} (88)

71

ثم إن مرجع الكل إليه فقال { كل شيء هالك إلا وجهه } فمن الناس من فسر الهلاك بالعدم أي يعدم كل شيء سواه ، والوجه يعبر به عن الذات ، ومنهم من فسر الهلاك بخروجه عن كونه منتفعاً به منفعته الخاصة به إما بالإماتة أو بتفريق الأجزاء كما يقال " هلك الثوب وهلك المتاع " وقال أهل التحقيق : معنى الهلاك كونه في حيز الإمكان غير مستحق للوجود ولا للعدم من عند ذاته ، وإن سميت المعدوم شيئاً فممتنع الوجود أحق كل شيء بأن يسمى هالكاً . استدلت المعتزلة بالآية على أن الجنة والنار غير مخلوقتين لأنهما لو كانتا مخلوقتين لعرض لهما الفناء بحكم الآية ، وهذا يناقض قوله { أكلها دائم } [ الرعد : 35 ] وعورض بقوله { اعدّت للمتقين } [ آل عمران : 133 ] و { أعدت للكافرين } [ آل عمران : 131 ] ويحتمل أن يقال الكل بمعنى الأكثر ومن هناك قال الضحاك : كل شيء هالك إلا الله والعرش والجنة والنار . وقيل : إلا العلماء فإن علمهم باق . ويمكن أن يقال إن زمان فناء الجنة لما كان قليلاً بالنسبة إلى زمان بقائها فلا جرم أطلق لفظ الدوام عليه ومن فسر الهلاك بالإمكان فلا إشكال والله أعلم .

/خ88