غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{فَلَا تَعۡلَمُ نَفۡسٞ مَّآ أُخۡفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعۡيُنٖ جَزَآءَۢ بِمَا كَانُواْ يَعۡمَلُونَ} (17)

1

و " ما " في قوله { ما أخفي } موصولة ويجوز أن تكون استفهامية بمعنى أي شيء ، والمعنى لا تعلم نفس من النفوس لا ملك مقرب ولا نبي مرسل أي نوع عظيم من الثواب ادخر الله لأولئك مما تقرّ به عيونهم حتى لا تطمح إلى غير ولا تطلب الفرح بما عداه . عن النبي صلى الله عليه وسلم " يقول الله تعالى أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر بله ما أطلعتم عليه اقرؤوا إن شئتم فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين " وعن الحسن : أخفى القوم أعمالاً في الدنيا فأخفى الله لهم ما لا عين رأت ولا أذن سمعت . قال المحققون : إنه يصدر من العبد أعمال صالحة وقد صدر عن الرب أشياء سابقة من الخلق والتربية وغيرهما ، وأشياء لاحقة من الثواب والإكرام ، فلله تعالى أن يقول : أنا أحسنت أولاً ، والعبد أحسن في مقابلته ، فالثواب تفضل من غير عوض . وله أن يقول : الذي فعلته أولاً تفضل فإذا أتى العبد بالعمل الصالح جزيته خيراً لأن جزاء الإحسان إحسان ، وهذا الاعتبار الثاني أليق بالكرم ليذيق العبد لذة الأجر والكسب ، والاعتبار الأول أليق بالعبودية حتى يرى الفضل لله في جانب الأبد فإذن لا تنقطع المعاملة بين الله وبين العبد أبداً ، وتكون العبادة لهم في الآخرة بمنزلة التنفس للملائكة . يروى أنه شجر بين علي بن أبي طالب رضي الله عنه والوليد بن عقبة بن أبي معيط يوم بدر كلام فقال له الوليد : اسكت فإِنك صبي . فقال له علي : اسكت فإِنك فاسق .

/خ30