غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{وَإِذۡ تَقُولُ لِلَّذِيٓ أَنۡعَمَ ٱللَّهُ عَلَيۡهِ وَأَنۡعَمۡتَ عَلَيۡهِ أَمۡسِكۡ عَلَيۡكَ زَوۡجَكَ وَٱتَّقِ ٱللَّهَ وَتُخۡفِي فِي نَفۡسِكَ مَا ٱللَّهُ مُبۡدِيهِ وَتَخۡشَى ٱلنَّاسَ وَٱللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخۡشَىٰهُۖ فَلَمَّا قَضَىٰ زَيۡدٞ مِّنۡهَا وَطَرٗا زَوَّجۡنَٰكَهَا لِكَيۡ لَا يَكُونَ عَلَى ٱلۡمُؤۡمِنِينَ حَرَجٞ فِيٓ أَزۡوَٰجِ أَدۡعِيَآئِهِمۡ إِذَا قَضَوۡاْ مِنۡهُنَّ وَطَرٗاۚ وَكَانَ أَمۡرُ ٱللَّهِ مَفۡعُولٗا} (37)

21

قوله { للذي } يعني زيداً { أنعم الله عليه } بالإيمان الذي هو أجل النعم وبتوفيق الأسباب حتى تبناه رسوله { وأنعمت عليه } أي بالإعتاق وبأنواع التربية والاختصاص . وقوله { واتق الله } أي في تطليقها فلا تفارقها . نهي تنزيه لا تحريم ، أو أراد اتق فلا تذمها بالنسبة إلى الكبر وإيذاء الزوج . الذي أخفى النبي صلى الله عليه وسلم في نفسه هو تعلق قلبه بها أو مودّة مفارقة زيد إياها أو علمه بأن زيداً سيطلقها . وعن عائشة لو كتم رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئاً مما أوحي إليه لكتم هذه الآية ، وذلك أن فيه نوع تخالف الظاهر والباطن في الظاهر وليس كذلك في الحقيقة ، لأن ميل النفس ليس يتعلق باختيار الآدمي فلا يلام عيه ، ولا هو مأمور بإبدائه . والذي أبداه كان مقتضى النصح والإشفاق والخشية والحياء من قالة الناس إن قلب النبي مال إلى زوجة دعيه فبهذا القدر عوتب بقوله { والله أحق أن تخشاه } فإِن حسنات الأبرار سيئات المقربين . فلعل الأولى بالنبيّ أن يسكت عن إمساكه حذراً من عقاب الله على ترك الأولى كما سكت عن تطليقه حياء من الناس . قال جار الله : الواوات في قوله { وتخفى } { وتخشى } { والله } للحال . ويجوز أن تكون للعطف كأنه قيل : وإذ تجمع بين قولك أمسك وإخفاء خلافه وخشية الناس { والله أحق أن تخشاه } حتى لا تفعل مثل ذلك .

قوله { فلما قضى زيد منها } حاجته ولم يبق له فيها رغبة وطلقها وانقضت عدتها { زوّجناكها } نفياً للحرج عن المؤمنين في مثل هذه القضية فإن الشرع كما يستفاد من قول النبي صلى الله عليه وسلم يستفاد من فعله أيضا ، بل الثاني يؤكد الأول . ألا ترى أنه لما ذكر ما فهم منه حلّ الضب ثم لم يأكل بقي في النفوس شيء ، وحيث أكل لحم الجمل طاب أكله مع أنه لا يؤكل في بعض الملل وكذلك الأرنب ، وقوله { إذا قضوا منهن وطراً } يفهم منه نفي الحرج عند قضاء الوطر بالطريق الأولى . عن الخليل : قضاء الوطر بلوغ كل حاجة يكون فيها همة وأراد بها في الآية الشهوة . وقيل : التطليق . فلا إضمار على هذا { وكان أمر الله مفعولاً } مكوناً لا محالة . ومن جملة أوامره ما جرى من قصة زينب .

/خ40