غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{وَمَا كَانَ لِمُؤۡمِنٖ وَلَا مُؤۡمِنَةٍ إِذَا قَضَى ٱللَّهُ وَرَسُولُهُۥٓ أَمۡرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ ٱلۡخِيَرَةُ مِنۡ أَمۡرِهِمۡۗ وَمَن يَعۡصِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ فَقَدۡ ضَلَّ ضَلَٰلٗا مُّبِينٗا} (36)

21

وحين انجر الكلام من قصة زيد إلى ههنا عاد إلى حديثه ، قال الراوي : خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم زينب بنت جحش وكانت أمها أميمة بنت عبد المطلب على مولاه زيد بن حارثة فأبت وأبى أخوها عبد الله فنزلت : { وما كان لمؤمن ولا مؤمنة } الآية . فقالا : رضينا يا رسول الله فأنكحها إياه ، وساق عنه المهر ستين درهماً وخماراً وملحفة ودرعاً وإزاراً وخمسين مداً من طعام وثلاثين صاعاً من تمر . وقيل : نزلت في أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط وهي أول من هاجر من النساء ، وهبت نفسها للنبي صلى الله عليه وسلم فقال : قد قبلت ، وزوّجها زيداً فسخطت هي وأخوها وقالا : إنما أردنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فزوّجها عبده ، وقال أهل النظم : إنه تعالى لما أمر نبيه أن يقول لزوجاته إنهن مخيرات فهم منه أن النبي صلى الله عليه وسلم لا يريد ضرر الغير فعليه أن يترك حق نفسه لحظ غيره ، فذكر في هذه الآية أنه لا ينبغي أن يظن ظانّ أن هوى نفسه متبع ، وأن زمام الاختيار بيد الإنسان كما في حق زوجات النبي ، بل ليس لمؤمن ولا مؤمنة أن يكون له اختيار عند حكم الله ورسوله ، فأمر الله هو المتبع وقضاء الرسول هو الحق ، ومن خالف الله ورسوله فقد ضل ضلالاً مبيناً ، لأن المقصود هو الله والهادي هو النبي ، فمن ترك المقصد وخالف الدليل ضلا ضلالاً لا يرعوي بعده . ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أبصر زينب ذات يوم بعد ما أنكحها زيداً فوقعت في نفسه فقال : سبحان الله مقلب القلوب ، وذلك أنه صلى الله عليه وسلم لم يردها أولاً ، لعله أي لم يلده الخ تأمل ولو أرادها لاختطبها . وسمعت زينب بالتسبيحة فذكرتها لزيد ففطن وألقى الله في نفسه كراهة صحبتها والرغبة عنها لأجل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : إني أريد أن أفارق صاحبتي . فقال : ما لك أرابك شيء منها ؟ قال : لا والله ما رأيت منها إلا خيراً ولكنها تتكبر عليّ لشرفها . فقال له : أمسك عليك زوجك واتق الله ثم طلقها بعد . فلما اعتدت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما أجد أحداً أوثق في نفسي منك اخطب عليّ زينب . قال زيد : فانطلقت فإذا هي تخمر عجينها فلما رأيتها عظمت في صدري حتى ما أستطيع أن أنظر إليها حين علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكرها فوليتها ظهري وقلت : يا زينب أبشري إن رسول الله يخطبك . ففرحت وقالت : ما أنا بصانعة شيئاً حتى أؤامر ربي . فقامت إلى مسجدها ونزل القرآن فتزوّجها رسول الله صلى الله عليه وسلم ودخل بها ، وما أولم على امرأة من نسائه ما أولم عليها ، ذبح شاة وأطعم الناس الخبز واللحم حتى امتد النهار . ولنرجع إلى ما يتعلق بتفسير الألفاظ .

/خ40