غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{وَلۡيَخۡشَ ٱلَّذِينَ لَوۡ تَرَكُواْ مِنۡ خَلۡفِهِمۡ ذُرِّيَّةٗ ضِعَٰفًا خَافُواْ عَلَيۡهِمۡ فَلۡيَتَّقُواْ ٱللَّهَ وَلۡيَقُولُواْ قَوۡلٗا سَدِيدًا} (9)

1

{ وليخش الذين لو تركوا } الجملة الشرطية وهي " لو " مع ما في حيزه صلة الذين . والمعنى ليخشى الذين من صفتهم وحالهم أنهم لو تركوا ذرية ضعافاً خافوا عليهم . وأما المخشى فغير منصوص عليه . قال بعض المفسرين : هم الأوصياء أمروا بأن يخشوا الله فيخافوا على من في حجورهم من اليتامى خوفهم على ذريتهم لو تركوهم ضعافاً ، أو أمروا بأن يخشوا على اليتامى من الضياع كما يخشون على أولادهم لو تركوهم ، وعلى هذا فيكون القول السديد أي الصواب . القصد هو أن لا يؤذوا اليتامى ويكلموهم كما يكلمون أولادهم بالقول الجميل ويدعوهم بيا بني ويا ولدي ، وهذا القول أليق بما تقدم وتأخر من الآيات الواردة في باب الأيتام . نبههم الله على حاله أنفسهم وذريتهم إذا تصوروها ليكون ذلك أجدر ما يدعوهم إلى حفظ مال اليتيم كما قال القائل :

لقد زاد الحياة إليّ حباً *** بناتي إنهن من الضعاف

أحاذر أن يرين البؤس بعدي *** وأن يشربن رنقاً بعد صافي

وقيل : هم الذين يجلسون إلى المريض فيقولون : إن ذريتك لا يغنون عنك من الله شيئاً .

فقدِّم مالك ، ولا يزالون يأمرونه بالوصية إلى الأجانب إلى أن يستغرق المال بالوصايا . فأمروا بأن يخشوا ربهم ويخشوا على أولاد المريض خوفهم على أولاد أنفسهم لو كانوا . وعلى هذا تكون الآية نهياً للحاضرين عن الترغيب في الوصية . والقول السديد أن يقولوا للمريض لا تسرف في الوصية فتجحف بأولادك مثل قول رسول الله صلى الله عليه وسلم لسعد : الثلث كثير . وكان الصحابة رضي الله عنهم يستحبون أن لا تبلغ الوصية الثلث وإن الخمس أفضل من الربع والربع من الثلث . وقيل : يجوز أن تتصل الآية بما قبلها فيكون أمراً للورثة بالشفقة على الذين يحضرون القسمة من الضعفاء ، وأن يتصوروا أنهم لو كانوا أولادهم خافوا عليهم الحرمان . وعن حبيب بن ثابت سألت مقسماً عن الآية . فقال : هو الرجل الذي يحضره الموت ويريد الوصية للأجانب فيقول له من كان عنده : اتق الله وأمسك على ولدك مالك . مع أن ذلك الإنسان يحب أن يوصي له . وعلى هذا يكون نهياً عن الوصية ولا يساعده قوله : { لو تركوا من خلفهم ذرية ضعافا }

/خ10