ثم أكد الوعيد في باب إهمال مال اليتيم فقال { إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلماً } أي ظالمين أو على وجه الظلم من ولاة السوء وقضاته لا بالمعروف { إنما يأكلون في بطونهم } أي ملء بطونهم ناراً أي ما يجر إلى النار وكأنه نار في الحقيقة . وقال السدي : يبعث آكل مال اليتيم يوم القيامة والدخان يخرج من قبره ومن فيه وأنفه وأذنيه وعينيه ، فيعرف الناس أنه كان يأكل مال اليتيم في الدنيا . وعن أبي سعيد الخدري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " رأيت ليلة أسري بي قوماً لهم مشافر كمشافر الإبل وقد وكل بهم من يأخذ بمشافرهم ثم يجعل في أفواههم صخراً من النار يخرج من أسافلهم فقال جبريل : هؤلاء الذين يأكلون أموال اليتامى ظلماً " { وسيصلون } من قرأ بفتح الياء فهو من صلى فلان النار بالكسر يصلى صلياً احترق . ومن قرأ بالضم فمعناه الإلقاء في النار لأجل الإحراق من الإصلاء . وقد يشدد من التصلية والمعنى واحد . والسعير النار ، وسعرت النار والحرب هيجتها وألهبتها فهي سعير أي مسعورة . والتنكير للتعظيم أي ناراً مبهمة الوصف لا يعلم شدتها إلا خالقها . قالت المعتزلة : لا يجوز أن يدخل تحت هذا الوعيد آكل اليسير من ماله ، بل لا بد أن يكون مقدار خمسة دراهم لأنه القدر الذي وقع عليه الوعيد في آية الكنز في منع الزكاة ولا بد مع ذلك من عدم التوبة . فقيل لهم : إنكم خالفتم هذا العموم من وجهين : من جهة شرط عدم التوبة ، ومن جهة شرط عدم كونه صغيرة ، فلم لا يجوز لنا أن نزيد فيه شرط عدم العفو ؟ وههنا نكتة وهي أنه أوعد مانع الزكاة بالكي ، وآكل مال اليتيم بامتلاء البطن من النار .
ولا شك أن هذا الوعيد أشد ، والسبب فيه أن الفقير غير مالك لجزء من النصاب حتى يملكه المالك ، واليتيم مالك لماله فكان منع اليتيم أشنع . وأيضاً الفقير يقدر على الاكتساب من وجه آخر أو على السؤال ، واليتيم عاجز عنهما فكان ضعفه أظهر وهذا من كمال عنايته تعالى بالضعفاء فنرجو أن يرحم ذلنا وضعفنا بعزته وقوته .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.