{ وليخش } أي ليخف عن اليتامى { الذين لو تركوا } أي قاربوا أن يتركوا { من خلفهم } أي بعد موتهم { ذرية ضعافا } أولادا صغارا { خافوا عليهم } الفقر والضياع ، وهذا الخطاب للأوصياء كما ذهب إليه طائفة من المفسرين ، وفيه وعظ لهم بأن يفعلوا باليتامى الذين في حجورهم ما يحبون أن يفعل بأولادهم من بعدهم .
وبعضهم جعل الخطاب لمن حضر المريض من العواد عند الإيصاء وإليه ذهب البيضاوي ، أو أمر للورثة بالشفقة على من حضر القسمة من ضعفاء الأقارب واليتامى والمساكين متصورين أنهم لو كانوا أولادهم بقوا خلفهم ضعافا مثلهم هل يجوزون حرمانهم ، أو أمر للمؤمنين بأن ينظروا فلا يسرفوا في الوصية والأول أولى .
{ فليتقوا الله } يعني في الأمر الذي تقدم ذكره ، قالت طائفة : المراد جميع الناس أمروا باتقاء الله في الأيتام وأولاد الناس وإن لم يكونوا في حجورهم ، وقال آخرون : إن المراد بهم من يحضر الميت عند موته أمروا بتقوى الله ، والتقوى مسببة عن الخوف الذي هو الخشية فلذلك ذكرت فاء السببية ، ففي الآية الجمع بين المبدأ والمنتهى { وليقولوا } للمحتضر { قولا سديدا } صوابا من إرشاده إلى التخلص عن حقوق الله وحقوق بني آدم ، وإلى الوصية بالقرب المقربة إلى الله سبحانه ، وإلى ترك التبذير بماله وإحرام ورثته كما يخشون على ورثتهم من بعدهم لو تركوهم فقراء عالة يتكففون الناس .
وقال ابن عطية : الناس صنفان يصلح لأحدهما أن يقال له عند موته ما لا يصلح للآخر ، وذلك أن الرجل إذا ترك ورثته بأنفسهم أغنياء حسن أن يندب إلى الوصية ويحمل على أن يقدم لنفسه ، وإذا ترك ورثته ضعفاء مفلسين حسن أن يندب إلى الترك لهم والاحتياط فإن أجره في قصده ذلك كأجره في المساكين .
قال القرطبي : وهذا التفصيل صحيح والمعنى وليخش الذين صفتهم وحالهم أنهم لو شارفوا أن يتركوا خلفهم ذرية ضعافا وذلك عند احتضارهم خافوا عليهم الضياع من بعدهم لذهاب كافلهم وكاسبهم ، ثم أمرهم بتقوى الله والقول السديد للمحتضرين أولا ، ولأولادهم من بعدهم على ما سبق .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.