قوله تعالى : { وَلْيَخْشَ الذين لَوْ تَرَكُواْ مِنْ خَلْفِهِمْ . . . } [ النساء :9 ] .
اختلف مَنِ المرادِ في هذه الآيةِ ؟ فقال ابنُ عَبَّاس وغيره : المرادُ : مَنْ حَضَر ميتاً حين يوصِّي ، فيقول له : قَدِّم لنفسكَ ، وأعْطِ لفلانٍ ، وفلانٍ ، ويؤذِي الورثَةَ بذلك ، فكأنَّ الآية تَقُولُ لهم : كَمَا كُنْتُمْ تَخْشَوْنَ على ورثَتِكُمْ وذرِّيَّتكم بَعْدَكُم ، فكذلك فاخشوا على ورثة غَيْرِكُمْ ، ولا تَحْمِلُوه على تبذيرِ مالِهِ ، وتَرْكِهِمْ عالَةً ، وقال مِقسَم ، وحضرميٌّ : نزلَتْ في عكسِ ذلك ، وهو أنْ يقول للمُحْتَضَرِ : أمْسِكْ على ورثَتِكَ ، وأَبْقِ لِوَلَدِكَ ، ويَنْهَاهُ عَنِ الوصيَّة ، فيضرّ بذلك ذوي القربى ، واليتامى ، والمساكينَ ، وكلَّ من يستحقُّ أن يوصى له ، فقيل لهم : كما كُنْتُمْ تَخْشَوْنَ على ذرِّيتكم ، وتُسِرُّون بأنْ يحسن إلَيْهم ، فكذلك فَسَدِّدوا القَوْلَ في جهة اليتامى ، والمساكين .
قال ( ع ) : والقولانِ لاَ يَطَّرِدَانِ في كلِّ الناس ، بل الناسُ صِنْفَانِ ، يصلُح لأحدهما القَوْلُ الواحدُ ، وللآخَرِ القولُ الثَّاني ، وذلك أنَّ الرجل ، إذا ترك ورثةً أغنياء ، حَسُنَ أنْ يُنُدَبَ إلى الوصية ، ويُحْمَلَ على أنْ يقدِّم لنفسه ، وإذا ترك ورثةً ضعفاء مقلِّين ، حَسُن أنُ يُنْدَبَ إلَى التَّرْكِ لهم ، والاحتياطِ ، فإنَّ أجْره في قَصْد ذلك كأجره في المَسَاكينِ ، فالمراعى إنما هو الضَّعْفُ ، فيجب أنْ يُمَالَ معه .
وقال ابنُ عَبَّاس أيضاً : المرادُ بالآية : ولاة الأيْتَامِ ، فالمعنى : أحسنوا إلَيْهم ، وسدِّدوا القول لهم ، واتقوا اللَّه في أكْل أموالهم ، كما تخافُونَ على ذُرِّيَّتِكُمْ أَنْ يُفْعَلَ بهم خِلافُ ذلك .
وقالَتْ فرقةٌ : بل المرادُ جميعُ الناسِ ، فالمعنى : أمرهم بالتقوى في الأيْتَامِ ، وَأَوْلاَد النَّاسِ ، والتَّسْديد لهم في القَوْل ، وإن لم يكُونُوا في حُجُورهم ، كما يريدُ كُلَّ أحدٍ أنْ يَفْعَلَ بولده بَعْده ، والسديدُ : معناه : المُصِيبُ للحَقِّ .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.