{ ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه } نقل عن عطاء أنه قال : كل ما لم يذكر اسم الله تعالى عليه من طعام أو شراب فهو حرام تمسكاً بعموم الآية . وأجمع سائر الفقهاء على تخصيص هذا العموم بالذبح ، ثم اختلفوا فمالك : كل ذبح لم يذكر اسم الله تعالى عليه فهو حرام ، ترك الذكر عمداً أو نسياناً وهو قول ابن سيرين وطائفة من المتكلمين . أبو حنيفة : إن ترك عمداً حرام وإن ترك نسياناً حل . الشافعي : متروك التسمية عمداً وسهواً حلال إذا كان الذابح مسلماً لقوله تعالى : { وإنه لفسق } والضمير عائد إلى الأكل الذي دل عليه الفعل أو إلى الموصول على أنه في نفسه فسق مثل «رجل عدل » أو على تقدير حذف المضاف أي وإن أكله لفسق . وقد أجمع المسلمون على أنه لا يفسق بأكل ذبيحة المسلم الذي ترك التسمية ولقوله تعالى : { وإن الشياطين ليوحون إلى أوليائهم ليجادلوكم } وهذه المناظرة كانت في مسألة الميتة ؛ وذلك أن المشركين قالوا : يا محمد أخبرنا عن الشاة من قتلها إذا ماتت ؟ قال : الله قتلها ، قالوا : فتزعم أن ما قتلت أنت وأصحابك حلال ، وما قتل الكلب والصقر حلال ، وما قتله الله حرام ؟ فأنزل الله الآية ، فالمراد من الشياطين هاهنا إبليس وجنوده وسوسوا إلى أوليائهم من المشركين ليخاصموا محمداً وأصحابه في أكل الميتة . وقال عكرمة : وإن الشياطين - يعني مردة المجوس - ليوحون إلى أوليائهم من مشركي قريش . وذلك أنه لما نزل تحريم الميتة سمعه المجوس من أهل فارس فكتبوا إلى قريش وكانت بينهم مكاتبة أن محمداً وأصحابه يزعمون أن ما يذبحونه حلال وأن ما يذبحه الله حرام ، فوقع في أنفس ناس من المسلمين شيء فنزلت الآية . ثم قال : { وإن أطعتموهم } يعني في استحلال الميتة { إنكم لمشركون } قال الزجاج : وفيه دليل على أن كل من أحل شيئاً مما حرم الله تعالى أو حرم شيئاً مما أحل الله فهو مشرك لأنه أثبت حاكماً سوى الله تعالى . ثم قال الشافعي : الفسق في آية أخرى ، وهي قوله : { قل لا أجد فيما أوحي إليّ محرماً } [ الأنعام : 145 ] إلى قوله : { أو فسقاً أهل لغير الله } مفسر بما أهل به لغير الله فعلمنا أن الفسق في هذه الآية أيضاً مفسر به نزلنا عن هذا المقام وهو التمسك بالمخصصات ، فلم قلتم إنه لم يوجد ذكر الله هاهنا لما روي أنه صلى الله عليه وآله قال : «ذكر الله مع المسلم سواء قال أو لم يقل » فيحمل هذا الذكر على ذكر القلب . أو نقول : هب أن هذا الدليل يوجب الحرمة إلا أن معنا ما يدل على الحل ، وإذا تعارض الحل والحرمة فالحل راجح لأن الأصل في الأشياء الإباحة وللعمومات الدالة على الحل كقوله : { خلق لكم ما في الأرض جميعاً } [ البقرة : 29 ] { وكلوا واشربوا } [ الطور : 19 ] ولأنه مستطاب وقد قال : { أحل لكم الطيبات } [ المائدة : 4 ] ، ولأن الطبع يميل إليه وقد نهى عن إضاعة المال ، هذا تقرير مذهب الشافعي ومع ذلك فالأولى بالمسلم أن يحترز عنه لقوة ظاهر النص . قال الكعبي : في الآية دلالة على أن الإيمان اسم لجميع الطاعات لأنه تعالى سمى مخالفته شركاً . وأجيب بأنه لم لا يجوز أن يراد بالشرك هاهنا اعتقاد أن لله شريكاً في الحكم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.