مدارك التنزيل وحقائق التأويل للنسفي - النسفي  
{وَلَا تَرۡكَنُوٓاْ إِلَى ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ فَتَمَسَّكُمُ ٱلنَّارُ وَمَا لَكُم مِّن دُونِ ٱللَّهِ مِنۡ أَوۡلِيَآءَ ثُمَّ لَا تُنصَرُونَ} (113)

{ وَلاَ تَرْكَنُواْ إِلَى الذين ظَلَمُواْ } ولا تميلوا . قال الشيخ رحمه الله : هذا خطاب لأتباع الكفرة أي لا تركنوا إلى القادة والكبراء في ظلمهم وفيما يدعونكم إليه { فَتَمَسَّكُمُ النار } وقيل : الركون إليهم الرضا بكفرهم . وقال قتادة : ولا تلحقوا بالمشركين . وعن الموفق أنه صلى خلف الإمام فلما قرأ هذه الآية غشي عليه فلما أفاق قيل له فقال : هذا فيمن ركن إلى من ظلم فكيف بالظالم ! وعن الحسن جعل الله الدين بين لاءين { ولا تطغوا } { ولا تركنوا } وقال سفيان : في جهنم وادٍ لا يسكنه إلا القراء الزائرون للملوك . وعن الأوزاعي : ما من شيء أبغض إلى الله من عالم يزور عاملاً . وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من دعا لظالم بالبقاء فقد أحب أن يعصى الله في أرضه " ولقد سئل سفيان عن ظالم أشرف على الهلاك في برّية هل يسقى شربة ماء فقال : لا ، فقيل له : يموت قال : دعه يموت { وَمَا لَكُمْ مّن دُونِ الله مِنْ أَوْلِيَاء } حال من قوله { فتمسكم النار } أي فتمسكم النار وأنتم على هذه الحالة ، ومعناه وما لكم من دون الله من أولياء يقدرون على منعكم من عذابه ولا يقدر على منعكم منه غيره { ثم لا تنصرون } ثم لا ينصركم هو لأنه حكم بتعذيبكم . ومعنى «ثم » الاستبعاد أي النصرة من الله مستبعدة .