قوله تعالى : { وَلاَ تركنوا } قرأ العامَّةُ بفتح التَّاءِ والكاف ، والماضي من هذا " رَكِن " بكسر العين ك " عَلِمَ ، وهذه الفصحى ، كذا قال الأزهريُّ وقال غيره : " وهي لغةُ قريش " وقرأ أبو عمرو في رواية : " تِرْكَنُوا " بكسر حرف المضارعة وقد تقدَّم ذلك في قوله : " نَسْتعِينُ " {[19052]} .
وقرأ قتادةُ ، وطلحةُ ، والأشهب ، ورويت عن أبي عمرو " تَرْكُنُوا " بضمِّ العين وهو مضارع " رَكَنَ " بفتحها ك : قَتَلَ يَقْتُل ، وقال بعضهم : هو من التَّداخُلِ ، يعني من نطق ب " رَكَنَ " بكسر العين قال : " يَرْكُن " بضمها ، وكان من حقِّه أن يفتحَ ، فلما ضمّ علمنا أنه استغنى بلغةِ غيره في المضارع عن لغته ، وأمَّا في هذه القراءةِ فلا ضرورة بنا إلى ادِّعاءِ التَّداخُل ، بل ندَّعي أنَّ من فتح الكاف أخذه من : " رَكِنَ " بالكسرِ ، ومن ضمَّها أخذه من " رَكَنَ " بالفتح ، ولذلك قال الراغبُ : " والصحيحُ أن يقال : رَكِنَ يَرْكَنُ ورَكَنَ يَرْكُنُ بالكسر في الماضي مع الفتح في المضارع ، وبالفتح في الماضي مع الضمِّ في المضارع " . وشذَّ أيضاً قولهم : رَكَن يَرْكَن بالفتح فيهما ، وهو التداخل ؛ فتحصًّل من هذا أنَّه قال : " رَكِنَ " بكسر العين وهي اللغة العالية كا تقدَّم ، و " ركَنَ " بفتحها ، وهي لغة قيس وتميم ، وزاد الكسائيُّ : " ونَجْد " وفي المضارع ثلاثٌ : الفتحُ ، والكسرُ ، والضمُّ . وقرأ ابنُ أبي{[19053]} عبلة : " تُرْكَنُوا " مبنياً للمفعول من : أرْكَنَهُ إذا أمالهُ ، فهو من باب " لا أرَيَنَّكَ ههنا " و{ فَلاَ يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ } الأعراف : 2 ] وقد تقدم .
والرُّكُونُ : المَيْلِ ، ومنه الرُّكْنُ للاستنادِ إليه .
قوله : { فَتَمَسَّكُمُ } منصوبٌ بإضمار " أنْ " في جوابِ النهي . وقرأ ابنُ وثاب{[19054]} وعلقمةُ ، والأعمشُ في آخرين " فَتِمَسَّكُمُ " بكسر التَّاءِ .
قوله : { وَمَا لَكُمْ } هذه الجملةُ يجوزُ أن تكون حاليةً ، أي : تَمَسَّكم حال انتفاءِ ناصركم .
ويجوز أن تكون مستأنفة و " مِنْ أولياءَ " " مِنْ " فيه زائدةٌ ، إمَّا في الفاعل ، وإمَّا في المبتدأ ، لأنَّ الجارَّ إذا اعتمد على أشياءَ- أحدها النَّفيُ- رفع الفاعل .
قوله : { ثُمَّ لاَ تُنصَرُونَ } العامَّةُ على ثبوتِ نُون الرَّفعِ ؛ لأنه مرفوع ، إذ هو من باب عطف الجمل ، عطف جملة فعلية على جملة اسميةَ . وقرأ زيد بن علي{[19055]} - رضي الله عنهما- بحذف نون الرفع ، عطفه على " تمسَّكُم " ، والجملةُ على ما تقدَّم من الحاليةِ أو الاستئناف ، فتكون معترضةً ، وأتى ب " ثمَّ " تنبيهاً على تباعد الرُّتْبَة .
معنى الآية : قال ابن عبَّاسٍ- رضي الله عنهما- : " ولا تميلُوا " {[19056]} .
والرُّكُونُ : هو المحبَّة والميل بالقلب . وقال أبو العاليةِ : لا ترضوا بأعمالهم{[19057]} .
وقال السدي : لا تداهِنُوا الظَّلمة{[19058]} .
وعن كرمة : لا تطيعوهم{[19059]} وقيل لا تسكنوا إلى الذين ظلمُوا " فتَمسَّكُم " ، فتصيبكم " النَّارُ وما لَكُم من دُونِ الله من أولياءَ " أي : ليس لكم أولياء ولا أعوان يخلصونكم من عذاب الله ، ثُمَّ لا تجدُوا من ينصركُمْ .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.