ولما نهي عن الإفراط {[40246]}في الدين ، أتبعه النهي عن التفريط بالتقصير فيه بسفول الهمم{[40247]} على وجه عام ، وكان الحب في الله والبغض منه أوثق عرى الإيمان ، إشارة إلى ضده الذي هو أوثق عرى الشيطان{[40248]} فقال : { ولا تركنوا } أي شيئاً من ركون ، وقال : { إلى الذين ظلموا } أي وجد منهم الظلم ولم يقل{[40249]} الظالمين ، أي بالميل إليهم بأن تثاقل أنفسكم نحوهم للميل إلى أعمالهم ولو بالرضى به{[40250]} {[40251]}والتشبه{[40252]} بهم والتزيّي بزيهم ، وحاصل الآيتين : لا تظلموا بأنفسكم{[40253]} ولا تستحسنوا أفعال الظالمين ، وفسر الزمخشري الركون بالميل اليسير ، وهو حسن من جهة المعنى لكني لم أره لغيره من أهل اللغة ، وقال الرماني - وهو أقرب : الركون : السكون إلى الشيء بالمحبة والانصباب إليه ، ونقيضه النفور عنه . وهو على التفسير الثاني في { تطغوا } من عطف الخاص على العام ، والآية ملتفتة إلى قوله تعالى { فلعلك تارك بعض ما يُوحى إليك } { فتمسكم النار } أي فتسبب{[40254]} عن ركونكم إليهم مسُّها لكم فلا تقدروا على التخلص منها بنوع حيلة من أنفسكم ؛ و{[40255]} من إجلال النبي صلى الله عليه وسلم إفراده{[40256]} بالخطاب{[40257]} في الأمر بأفعال الخير ، والإتيان بضمير الجمع في النهي عن أفعال الشر - نبه على ذلك الإمام أبو حيان{[40258]} .
ولما كان كل موجود سوى الله في قهره وتحت أمره ، قال تعالى : { وما لكم } ولما كان دون رتبته تعالى من الرتب والذوات ما لا يحصيه غيره سبحانه ، أدخل الجار تبعيضاً فقال : { من دون الله } أي الملك لأعظم ، وأعرق في النفي فقال : { من أولياء } أي يخلصونكم من عذابه لما تقرر أن { دون } من الأدون وهو الأقرب إلى
جهة السفل ؛ والولي : المختص بأن من شأنه تولي المعونة{[40259]} عند الحاجة ، وأشار إلى أن نصر مَنْ{[40260]} لا ناصر له من الله محال بأداة البعد وبناء الفعل للمفعول فقال : { ثم لا تنصرون* } أي ثم إذاً فإنكم هذا وذاك{[40261]} فما أبعدكم من النصرة !
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.