مدارك التنزيل وحقائق التأويل للنسفي - النسفي  
{فَقُولَا لَهُۥ قَوۡلٗا لَّيِّنٗا لَّعَلَّهُۥ يَتَذَكَّرُ أَوۡ يَخۡشَىٰ} (44)

{ فَقُولاَ لَهُ قَوْلاً لَّيّناً } الطفا له في القول لما له من حق تربية موسى ، أو كنياه وهو من ذوي الكنى الثلاث : أبو العباس وأبو الوليد وأبو مرة . أو عداه شباباً لا يهرم بعده وملكاً لا ينزع عنه إلا بالموت ، أو هو قوله { هَل لَّكَ إلى أَن تزكى وَأَهْدِيَكَ إلى رَبّكَ فتخشى } [ النازعات : 19 ] أي يخاف أن يكون الأمر كما تصفان فيجره إنكاره إلى الهلكة . وإنما قال { لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ } مع علمه أنه لا يتذكر لأن الترجي لهما ، أي اذهبا على رجائكما وطمعكما وباشرا الأمر مباشرة من يطمع أن يثمر عمله .

وجدوى إرسالهما إليه مع العلم بأنه لن يؤمن إلزام الحجة وقطع المعذرة . وقيل : معناه لعله يتذكر متذكر أو يخشى خاش وقد كان ذلك من كثير من الناس . وقيل : { لَعَلَّ } من الله تعالى واجب وقد تذكر ولكن حين لم ينفعه التذكر . وقيل : تذكر فرعون وخشي وأراد اتباع موسى فمنعه هامان وكان لا يقطع أمراً دونه . وتليت عند يحيى بن معاذ فبكى وقال : هذا رفقك بمن يقول أنا إله فكيف بمن قال أنت الإله ؟ وهذا رفقك بمن قال أنا ربكم الأعلى فكيف بمن قال سبحان ربي الأعلى .