{ فقولا له قولاً ليناً } أي : مثل { هل لك إلى أن تزكى 18 وأهديك إلى ربك فتخشى } [ النازعات : 18 ، 19 ]
فإنه دعوة في صورة عرض ومشورة ، فإن قيل : لم أمر الله تعالى باللين مع الكافر الجاحد ؟ أجيب : بأنّ عادة الجبار إذا أغلظ عليه في الوعظ يزداد عتوّاً وتكبراً فأمر باللين حذراً من أن تحمله الحماقة على أن يسطو عليهما واحتراماً لما له من حق التربية وقيل : كنياه وكان له ثلاث كنى أبو العباس وأبو الوليد وأبو مرّة وقيل : عداه شباباً لا هرم بعده وملكاً لا يزول إلا بالموت وأن تبقى له لذة المطعم والمشرب والمنكح إلى حين موته وإذا مات دخل الجنة فأعجبه ذلك وكان لا يقطع أمراً دون هامان وكان غائباً فلما قدم أخبره بالذي دعاه إليه موسى وقال أردت أن أقبل منه فقال له هامان كنت أرى أنّ لك عقلاً ورأياً أنت رب تريد أن تكون مربوباً وأنت تعبد تريد أن تعبد فغلبه على رأيه وقوله تعالى : { لعله يتذكر أو يخشى } متعلق باذهبا أو قولا أي : باشرا الأمر على رجائكما وطمعكما مباشرة من يرجو ويطمع أن يثمر عمله ولا يخيب سعيه فهو يجتهد بطوقه ويسعى بأقصى وسعه ، قال الزمخشري : ولا يستقيم أن يراد ذلك في حق الله تعالى إذ هو عالم بعواقب الأمور ، وعن سيبويه كل ما ورد في القرآن من لعل وعسى فهو من الله واجب بمعنى أنه يستحيل بقاء معناه في حق الله تعالى وقال الفرّاء : إن لعلّ بمعنى كي فتفيد العلية كما تقول اعمل لعلك تأخذ أجرتك .
فائدة : قرأ رجل عند يحيى بن معاذ { فقولا له قولاً لينا } فبكى يحيى وقال إلهي هذا برك بمن يقول أنا الإله فكيف برك بمن يقول أنت الإله فإن قيل : ما الفائدة في إرسالهما والمبالغة عليهما في الاجتهاد مع علمه تعالى بأنه لا يؤمن ؟ أجيب : بأنّ ذلك الإلزام الحجة وقطع المعذرة وإظهار ما حدث في تضاعيف ذلك من الآيات والتذكر للمتحقق والخشية للمتوهم ولذلك قدّم الأوّل أي : إن لم يتحقق صدقكما ولم يتذكر فلا أقل من أن يتوهمه فيخشى . ويروى عن كعب أنه قال : والذي يحلف به كعب إنه لمكتوب في التوراة { فقولا له قولاً ليناً } وسأقسي قلبه فلا يؤمن ولقد تذكر فرعون وخشي حين لم تنفعه الذكرى والخشية ، وذلك حين ألجمه الغرق قال : { آمنت أنه لا إله إلا الذي آمنت به بنوا إسرائيل وأنا من المسلمين } [ يونس ، 90 ] .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.